للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأتي (١).

الترجيح: أدلة الطرفين شبه متكافئة لكن أدلة القول بعدم وقوع الطلاق أقوى لاسيما قصة موسى عذره ربه بسبب الغضب وحديث عائشة «لَا طَلَاقَ، وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ». والخلل الظاهر في العقل يمنع نفوذ التصرف فيستصحب حكم بقاء النكاح والله أعلم.

* تنبيه: أغلب من يستفتي في الطلاق يقدم بين يديه عذرًا كقوله طلقت زوجتي وهي حائض أو وأنا غضبان وغير ذلك ليخرج نفسه مما أوقعها فيه فعلى المفتي والقاضي أن ينتبه لهذا الأمر وليتأكد هل هو مغلق عليه حينما طلق أم لا؟.

قال شيخنا الشيخ محمد العثيمين: القول بعدم وقوع طلاق الغضبان نظريًا هو القول الراجح، لكن عمليًا وتربويًا هل نقول بالفتوى به، أو نمنع الفتوى به إلا في حالات معينة نعرف فيها صدق الزوج؟ الثاني؛ لأنَّنا لو أطلقنا القول بأنَّ طلاق الغضبان لا يقع لَكَثُرَ من يقول: أنا غضبت وطلقت، وهو لا يفرق بين الدرجة الأولى والدرجة الثانية فيقع التلاعب، ولهذا فإطلاق الفتوى بعدم وقوع الطلاق من الغضبان يؤدي إلى أن يتتابع الناس في الطلاق، فإذا رأى الإنسان من الزوج أنَّه رجل مستقيم لا يمكن أن يتهاون فحينئذٍ يتوجه القول بالفتوى أنَّه لا يقع الطلاق، وإذا رأى أنَّه متهاون يريد أن ترجع إليه زوجته بأي سبيل، فهنا ينبغي أن يفتى بوقوع الطلاق، وهذا من باب سياسة الخلق، والسياسة لها شأن عظيم في الشريعة الإسلامية (٢).

وبهذا يجاب على من لا يوقع طلاق الغضبان بحجة أن من لازم القول بعدم وقوع طلاق الغضبان أن لا يقع أكثر الطلاق. (٣)

* * *


(١) انظر: (ص: ٧٧٦).
(٢) الشرح الممتع (١٣/ ٢٩).
(٣) انظر: فتح الباري (٩/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>