للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا جاء حصل له أجرها وإن لم يجزها كان الأجر للمتصدق وعليه الغرم لصاحبها (١).

رابعًا: التصدق بالمال المغلول:

عن حوشب بن سيف، قال: «غَزَا النَّاسُ الرُّومَ وَعَلَيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَغَلَّ رَجُلٌ مِائَةَ دِينَارٍ، فَلَمَّا قُسِمَتِ الْغَنِيمَةُ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ نَدِمَ، فَأَتَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدٍ، فَقَالَ: قَدْ غَلَلْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَاقْبِضْهَا، قَالَ: قَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ، فَلَنْ أقْبِضَهَا مِنْكَ حَتَّى تُوَافِيَ اللَّهَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَتَى مُعَاوِيَةَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَبْكِي فَمَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّاعِرِ السَّكْسَكِيِّ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: غَلَلْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أَمُطِيعِي أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى مُعَاوِيَةَ ، فَقُلْ لَهُ: خُذْ مِنِّي خُمُسَكَ فَأَعْطِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَانْظُرْ إِلَى الثَّمَانِينَ الْبَاقِيَةِ، فَتَصَدَّقْ بِهَا عَنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ يَعْلَمُ أَسْمَاءَهُمْ وَمَكَانَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : أَحْسَنَ وَاللَّهِ، لَأَنْ أَكُونَ كُنْتُ أَفْتَيْتُهُ بِهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ امْتَلَكْتُ» (٢).

الرد: هذا من الواجب عليه فلا تبرأ ذمته إلا بذلك كما يكون التقاط اللقطة أحيانًا واجبًا فأين هذا من تصرف الفضولي.

الرد العام: تقدم الرد الخاص عن الوارد عن الصحابة وتبين الخلاف بين الصحابة في بعض المسائل والمسائل المذكورة من تصرف الفضولي على الغائب للحاجة وهذا التصرف لا يختلف في صحته عندهم كما تقدم عن شيخ الإسلام ابن تيمية بخلاف تصرف الفضولي إذا كان من له الحق حاضرًا معروفًا.

الدليل الحادي عشر: ليس في تصرف الفضولي ضرر أصلًا فهو إصلاح بلا فساد فإنَّ الرجل قد يرى أن يشتري لغيره أو يبيع له أو يستأجر له أو يوجب له ثم يشاوره


(١) انظر: فتح الباري (٩/ ٤٣٠).
(٢) رواه سعيد بن منصور (٢٧٣٢) (٢/ ٣١٦) قال: نا عبد الله بن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن حوشب بن سيف، فذكره وإسناده صحيح.
حَوْشَب بن سيف أبو روح السكْسكِي ذكره ابن حبان في ثقاته ووثقه العجلي وذكره البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكرا في جرحًا ولا تعديلًا وبقية رواته ثقات وفي تاريخ ابن عساكر … صالح بن أحمد حدثني أبي قال حوشب بن سيف شامي ثقة.

<<  <   >  >>