للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا، فَقَالَ: «فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» (١). فقوله «فَصُمْ … » هذا من الفتوى وليس من القضاء.

وكفارة قتل الخطأ تحتاج إلى اجتهاد في أصل الفعل ووصفه وكذلك كفارة الصيد فليستا من باب الديانة والله أعلم قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥].

• التاسع: بذل المال إحسانًا الأصل فيه الديانة لا القضاء:

فعن كعب بن مالك أنَّه تقاضى ابن أبي حَدْرَد دينًا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف سِجْف حجرته فَنَادَى يَا كَعْبُ قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ قَالَ لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «قُمْ فَاقْضِهِ» (٢). فالأصل أنَّ الأموال لا تبذل ولا تسقط إلا برضا المالك فالحديث محمول على الديانة استحبابًا وإن كان يجب بذل المال ولو من غير رضا المالك أحيانًا لعارض من حاجة وغيرها فإذا لم يبذله كان الحكم عليه قضاءً (٣) ففي حديث أبي هريرة «وَلَا صَاحِبُ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لَا يَفْقِدُ مِنَهَا فَصِيلًا وَاحِدًا تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا … » (٤).

• العاشر: في القضاء لا بد من قاضٍ بخلاف الديانة:

فإن كان المكلف يعرف الحكم فلا يحتاج إلى المفتي.


(١) رواه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١).
(٢) رواه البخاري (٤٥٧)، ومسلم (١٥٥٨). السِجْف: الستارة المشقوقة من الوسط.
(٣) انظر: المحلى (٦/ ٥٠)، وشرح سنن أبي داود للعيني (٦/ ٤١٤)، وتبصرة الحكام (١/ ٨١).
(٤) رواه مسلم (٩٨٧). وفي حديث أبي سعيد «قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ فَسَأَلَهُ عَنْ الْهِجْرَةِ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا» رواه البخاري (٢٦٣٣)، ومسلم (١٨٦٥).

<<  <   >  >>