للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس

طلاق الغضبان

• تمهيد:

الغضبان حينما يطلق لا يخلو من حالين:

الأولى: أن يطلق بسبب غير الغضب وهو مريد للطلاق ولا يندم بعد زوال الغضب فالحامل له على الطلاق سبب آخر غير الغضب وإنَّما هيجه الغضب للمبادرة بالطلاق فهذا يقع طلاقه لأنَّه طلاق رغبة توفرت شروطه وانتفت موانعه ولم أقف على خلاف في هذه المسألة والذي يظهر لي أنَّها من مسائل الإجماع والله أعلم.

الثانية: أن يطلق بسبب الغضب وإذا زال الغضب ندم على طلاقه فهذا موضوع البحث.

قال ابن القيم: هذا كله في الغضبان الذي يكره ما قاله حقيقة فأما من هو مريد له على تقدير عدم غضبه لاقتضاء السبب ذلك فليس من هذا الباب كمن زنت امرأته فغضب فطلقها لأنَّه لا يرى المقام مع زانية فلم يقصد بالطلاق إطفاء نار الغضب بل التخلص من المقام مع زانية فهذا يقع طلاقة فتأمل هذا الفرق فإنَّه حرف المسالة ونكتتها وهذا بخلاف من خاصمته امرأته وهو يعلم من نفسه إرادة المقام معها على الخصومة وسوء الخلق ولكن حملة الغضب على أن شفى نفسه بالتكلم بالطلاق كسرًا لها وإطفاء لنار غضبه. (١)

• تحرير محل الخلاف في نوع الغضب الذي يؤثر في الطلاق:

قسم شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) الغضب إلى ثلاثة أقسام وتابعه على ذلك تلميذه ابن القيم (٣) وغيره من أهل العلم (٤).

الأول: غضب يزيل العقل فيبلغ به نهايته بحيث ينغلق عليه باب العلم والإرادة


(١) انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص: (٤٨٤٩).
(٢) انظر: إعلام الموقعين (٤/ ٥٠)، وإغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص: (٣٨).
(٣) انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص: (٣٨)، وزاد المعاد (٥/ ٢١٥).
(٤) انظر: فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز (٢١/ ٣٧٣)، والشرح الممتع (١٣/ ٢٨).

<<  <   >  >>