للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما يقوله النبي في غضبه ورضاه سواء وحينما يدعو يكون مريدًا لهذا الدعاء لكن من حسن خلقه ورحمته بأمته سأل ربه أن يكون الأمر بخلاف ذلك.

الدليل السادس: عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله يقول: «لا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (١).

وجه الاستدلال: لولا أنَّ الغضب يؤثر في قصده وعلمه لم ينه عن الحكم حال الغضب (٢).

الرد: الغضب يؤثر في الغضبان فيؤمر أن لا يقضي وهو غضبان وكذلك المطلق ينهى أن يطلق حال الغضب لكن هل إذا طلق لا يقع؟ وإذا حكم وهو غضبان لا يصح حكمه؟ هذه من مسائل الخلاف والمخالف يستدل بهذا الحديث على وقوع طلاق الغضبان.

الدليل السابع: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» (٣).

وجه الاستدلال: جرى هذا اللفظ على لسانه من غير قصد فلم يؤاخذ به كما يجري الغلط في القرآن على لسان القارئ فكذلك الغضبان يجري الطلاق على لسانه من غير قصد تام فلا يقع (٤).

الرد: المطلق لا يؤاخذ إذا لم يقصد اللفظ كمن أراد أن يخبر أنَّ زوجته طاهر


(١) رواه البخاري (٧١٥٨)، ومسلم (١٧١٧)
(٢) انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص: (٤٣، ٦٥).
(٣) رواه مسلم (٢٧٤٧).
(٤) انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص: (٤٦).

<<  <   >  >>