للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرد من وجهين:

الأول: كان لا قدرة له على الكلام في الثلاثة الأيام (١).

الجواب: نُهِي عن الكلام وهو صحيح سوي، كما قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٠] أي صحيحًا سليمًا من غير ما بأس ولا خرس ويدل عليه قوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ فأمره بالذكر ونهاه عن كلام الناس (٢).

الرد: اختلف في إعراب قوله تعالى: ﴿سَوِيًّا﴾ فقيل حال من فاعل تكلم أي حالة كونك سليمًا وقيل صفة لثلاث ليال (٣).

الثاني: الاستثناء منقطع (٤) فليس الرمز من الكلام فالتقدير لا تكلم الناس ثلاثة أيام لكن تشير إليهم (٥) والله أعلم.

الدليل الثالث: عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ أَوْ قَالَ نِدَاءُ بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ أَوْ قَالَ يُنَادِي بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ وَقَالَ لَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَصَوَّبَ يَدَهُ وَرَفَعَهَا حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَفَرَّجَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ» (٦).

وجه الاستدلال: بين النبي بالإشارة باليد الفرق بين الفجر الكاذب والفجر


(١) انظر: المنتقى شرح الموطأ (٥/ ٢٠٩)، ومنح الجليل (٢/ ٢٣٧)، وتفسير البغوي (٢/ ٣٦)، وتفسير ابن كثير (١/ ٣٦٢)، وأضواء البيان (٤/ ٢٣٦).
(٢) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٣٦)، وتفسير ابن عطية (١/ ٤٣٢).
(٣) انظر: تفسير ابن عطية (١/ ٤٣٢)، وإعراب القرآن للنحاس (٣/ ٧)، ومشكل إعراب القرآن (٢/ ٤٥٠).
(٤) الاستثناء المنقطع: هو ما يكون المستثنى ليس بعضًا من المستثنى منه كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ [البقرة: ٣٤] فإبليس ليس من الملائكة فتكون أداة الاستثناء إلا بمعنى لكن.
انظر: شرح التصريح على التوضيح (١/ ٣٥٢)، والنحو الوافي (٢/ ٣١٨).
(٥) انظر: تفسير ابن عطية (١/ ٤٣٢)، وتفسير القرطبي (٤/ ٥٢)، وأضواء البيان (٤/ ٢٣٦).
(٦) رواه البخاري (٥٢٩٩)، ومسلم (١٠٩٣)، واللفظ له.

<<  <   >  >>