للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: إذا كان في شرعهم أنَّ الإشارة لا تعطى حكم الكلام فقد ورد في شرعنا أنَّ الإشارة تعطى حكم الكلام.

الرد: النصوص الواردة فيها اعتبار الإشارة هي في حقوق الخالق وليست في حقوق المخلوقين (١).

الجواب من وجهين:

الأول: الإشارة الواردة في حديث كعب بن مالك الآتي - في تقاضيه مع ابن أبي حدرد في حقوق المخلوقين.

الثاني: لو لم ترد الإشارة في حقوق المخلوقين فتقاس على حقوق الخالق فألفاظ الطلاق ليست تعبدية يوقف عندها فمذهب الأئمة الأربعة وقوع الطلاق بالكتابة وألفاظ الكنايات التي لم ترد في النصوص الشرعية.

الجواب: الإشارة ليست موضوعة للطلاق بخلاف الكناية فإنّها حروف موضوعة للإفهام كالعبارة الصريحة (٢).

الرد: النصوص - الآتية - من الكتاب والسنة تدل على أنَّ الإشارة موضوعة للإفهام وتقوم مقام الكلام.

الدليل الرابع: قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: ٢٦]

وجه الاستدلال: أشارت لهم إليه أن كلموه يخبركم بحقيقة الأمر، فهذه إشارة مفهمة، وقد فهمها قومها فأجابوها جوابًا مطابقًا لفهمهم لما أشارت إليه ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾ [مريم: ٢٩] وهذه الإشارة المفهمة لو كانت كالنطق لأفسدت نذر مريم ألا تكلم إنسيًا فالآية صريحة في أنَّ الكلام باللفظ يخل بنذرها، وأنَّ الإشارة ليست كذلك فلا تعطى حكم الكلام فلا يقع الطلاق بها (٣).


(١) انظر: فتح الباري (٩/ ٤٣٨).
(٢) انظر: أسنى المطالب (٣/ ٢٧٧).
(٣) انظر: المحلى (٨/ ٥٦)، وأضواء البيان (٤/ ٢٨٣).

<<  <   >  >>