للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن لؤي بن غالب بن فهر الإمام أبو بكر الصديق، صاحب رسول الله وخليفته وخير الخلق بعده، ذكره الداني، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن، قلت: هو أول من جمع القرآن في مصحف وأشار بجمعه وذلك مشهور، وقد حدثني شيخنا الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير من لفظه غير مرة وقد دار بيننا الكلام في حفظه القرآن فقال: أنا لا أشك أنه قرأ القرآن ثم قال: وقد رأيت نص الإمام أبي الحسن الأشعري--على حفظه القرآن واستدل على ذلك بدليل لا يرد وهو أنه صح عنه بلا نظر أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأكثرهم قرآنا» (أ) وتواتر عنه أنه قدمه للإمامة ولم يكن ليأمر بأمر ثم يخالفه بلا سبب، فلولا أن أبا بكر كان متصفا بما يقدمه في الإمامة على سائر الصحابة وهو القراءة لما قدمه، وذلك على كل تقدير سواء قلنا: المراد بالأقرأ الأكثر قراءة كما هو ظاهر اللفظ وذهب إليه أحمد وغيره، أو الأعلم كما ذهب إليه الشافعي وغيره، لأن الزيادة في العلم في ذلك العصر كان ناشئا عن زيادة القراءة كما فسره الشافعي بقولهم: كنا إذا قرأنا الآية لا نجاوزها حتى نعلم فيم أنزلت، قلت: وهذا يدل على أنه أقرأ الصحابة وليس ذلك بمنكر فإنه أفضل الصحابة مطلقا، وإن كنا لا ندعي له الأفضلية في كل فرد فرد من سائر الفضائل كما ادعاه غيرنا، بل نقول كما قال إمامنا الشافعي : إن الأفضلية في القراءة تستلزم الأفضلية في العلم، وكذلك الأفضلية في العلم إذ كان عندهم الأقرأ هو الأعلم، وقد روينا عن أبي الدرداء قال رآني النبي أمشي أمام أبي بكر فقال: يا أبا الدرداء: أتمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر (ب) رواه ابن جريج عن عطاء عنه به، قلت:

وكيف يسوغ لأحد نفي حفظ القرآن عن أبي بكر بغير دليل ولا حجة بل بمجرد الظن مع أنه لا يسوغ لنا ذلك عن آحاد الناس، وأما استدلالهم بحديث أنس توفي رسول الله


(أ) (حديث صحيح): أخرجه مسلم (٦٧٣)، وأبو داود (٥٨٢)، والنسائي (٢/ ٧٦)، وابن ماجه (٩٨٠)، وأحمد (٣/ ١٦٣)، (٤/ ١١٨).
(ب) (حديث منكر): وانظر الكنز (٣٦١١٢)، (٣٣٦٢٢) للهندي.

<<  <  ج: ص:  >  >>