والجزيرة (٢٨٩٨) أعظم دليل على قوتها وكيف يسوغ أن يتصور قراءة لا أصل لها ويجمع الناس وأهل العلم من الصدر الأول وإلى آخر وقت على قبولها وتلاوتها والصلاة بها وتلقينها مع شدة مؤاخذتهم في اليسير، ولا زال أهل الشام قاطبة على قراءة ابن عامر تلاوة وصلاة وتلقينا إلى قريب الخمسمائة وأول من لقن لأبي عمرو فيما قيل ابن طاوس هذا، وقد كان في زمن عمر ابن عبد العزيز الذي ما تسامح له في ضربه على عدم رفع يديه في الصلاة، وقال أبو علي الأهوازي: كان عبد الله بن عامر إماما عالما، ثقة فيما أتاه، حافظا لما رواه، متقنا لما وعاه، عارفا فهما، قيما فيما جاء به، صادقا فيما نقله، من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجلة الراوين لا يتهم في دينه، ولا يشك في يقينه، ولا يرتاب في أمانته، ولا يطعن عليه في روايته، صحيح نقله، فصيح قوله، عاليا في قدره، مصيبا في أمره، مشهورا في علمه، مرجوعا إلى فهمه، لم يتعد فيما ذهب إليه الأثر، ولم يقل قولا يخالف فيه الخبر، ولي القضاء بدمشق بعد بلال بن أبي الدرداء.
قلت: إنما تولي القضاء بعد أبي إدريس الخولاني وكان إمام الجامع بدمشق وهو الذي كان ناظرا في عمارته حتى فرغ قال يحيى بن الحارث: وكان رئيس الجامع لا يرى فيه بدعة إلا غيرها، قال أيوب عن يحيى بن الحارث: ولد ابن عامر سنة إحدى وعشرين وقال خالد بن يزيد: سمعت عبد الله بن عامر اليحصبي يقول: ولدت سنة ثمان من الهجرة في البلقا بضيعة يقال لها رحاب وقبض رسول الله ﷺ ولي سنتان وذلك قبل فتح دمشق وانقطعت إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين قلت: وهذا أصح من الذي قبله لثبوته عنه نفسه، وقد ثبت سماعه من جماعة من الصحابة منهم معاوية بن أبي سفيان والنعمان بن بشير وواثلة بن الأسقع وفضالة بن عبيد، روى القراءة عنه عرضا (ع) يحيى بن الحارث الذماري وهو الذي خلفه في القيام بها وأخوه عبد الرحمن بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وسعيد بن عبد العزيز وخلاد بن يزيد بن صبيح المري ويزيد بن أبي