المرسي، ثم توجه إلى حلب فنزل بها وبحماة وأخذ عنه بهذين البلدين، ثم قدم دمشق مستوطنا، ونزل بالعادلية الكبرى وولي مشيختها الكبرى التي من شرطها القراءات والعربية، وأظن ولايته لها بعد أبي شامة، وأقام بالعادلية وألّف التواليف المفيدة في فنون العربية من ذلك «التسهيل» الذي لم يسبق إلى مثله و «الكافية» و «الخلاصة» ونظم في القراءات قصيدتين إحداهما دالية رأيته يقول فيها:
ولا بدّ من نظمي قوافي تحتوي … لما قد حوى حرز الأماني وأزيدا
والأخرى لامية موجودة أولها:
بذكر إلهي حامدا ومبسملا … بدأت فأولى القول يبدأ أولا
آخرها:
وزادت على حرز الأماني إفادة … وقد نقصت في الجرم ثلثا مكملا
قلت: وقد شاع عند كثير من منتحلي العربية أن ابن مالك لا يعرف له شيخ في العربية ولا في القراءات، وليس كذلك بل قد أخذ العربية في بلاده عن ثابت بن خيار كما تقدم، وحضر عند الأستاذ أبي علي الشلوبين نحو العشرين يوما، وأخذ عن السخاوي العربية والقراءات ولما دخل حلب لازم حلقة ابن يعيش ثم حضر عند تلميذه ابن عمرون ولزمه وكان ذهنه من أصح الأذهان مع ملازمته العمل والنظر والكتابة والتأليف، وبدون ذلك يصير أستاذ أهل زمانه وإمام أوانه، وقد أخذ عنه العربية غير واحد من الأئمة غير أني لا أعلم أحدا قرأ عليه القراءات ولا أسندها عنه بل حدثنا بكثير من مؤلفاته جماعة من أصحابه وحدثني بعض شيوخنا أنه كان يجلس في وظيفة مشيخة الإقراء بشباك التربة العادلية وينتظر من يحضر يأخذ عنه فإذا لم يجد أحدا يقوم إلى الشباك، ويقول: القراءات القراءات، العربية العربية، ثم يدعو ويذهب، ويقول: أنا لا أرى أن ذمتي تبرأ إلا بهذا فإنه قد لا يعلم إني جالس في هذا المكان لذلك، وكان قد نظم «الكافية الشافية» بحلب و «الخلاصة» بحماة للشيخ