سورة الزمر [٣٩: ٣٢]
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ}:
{فَمَنْ}: استفهام يحمل معنى الإنكار والتّعجب.
{أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ}: الجواب: لا أحد أظلم من هذا الّذي يكذب على الله أظلم على وزن أفعل وأفظع وأعظم الكذب على الله بأن يزعم أنّ لله ولداً أو شريكاً أو صاحبة، أو يقول: أوحي إليَّ ولم يُوحَ إليه شيء وغيرها من أنواع الافتراء والاختلاق.
{وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ}: بالقرآن والإسلام والنّبي والتّوحيد والبعث والحساب والجزاء والباء للإلصاق واللزوم، وسُمِّي الصّدقَ؛ لأنّه كلام الله سبحانه {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النّساء: ٨٧].
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النّساء: ١٢٢].
كذَبَ وكَذَّب: الأولى كَذَبَ بالتّخفيف والثّانية كذَّب بالتّشديد فيها مبالغة في الكذب والكثرة، أيْ: تكذيبه للقرآن كان أشد وأكثر تنوعاً.
كقوله: سحر وشعر وإفك وأساطير الأولين وافتراء.
{إِذْ جَاءَهُ}: إذ ظرف للزمان الماضي ويفيد الفجأة، أيْ: مجرد أن سمع آياته كذبها أو فاجأه بالتّكذيب مقارنة بمن تريث ونظر وتمعَّن قبل أن يكذب فما مصير ذلك الظّالم الّذي لا يوجد أظلم منه.
{أَلَيْسَ}: استفهام تقرير وإثبات وإنكار للتكذيب.
{فِى جَهَنَّمَ}: في ظرفية، جهنم: كلمة مشتقة من الجِهام: القعر البعيد، وسميت بجهنم لبعد قعرها. ارجع إلى سورة الرعد آية (١٨) لمزيد من البيان.
{مَثْوًى}: كلمة لا تستعمل في القرآن إلا مع جهنم فقط، ويعني مكان الإقامة الجبرية المؤبدة (كالحبس) ويعني: مكاناً ضيقاً غير متسع ومطبقاً عليهم. ارجع إلى سورة آل عمران آية (١٥١) لمزيد من البيان، ومعرفة الفرق بين مثوى ومأوى.
{لِّلْكَافِرِينَ}: اللام للاختصاص والاستحقاق، الكافرين: جمع كافر تدل على العمل، أيْ: كفرهم ولم يقل: الكفار، الكفار تدل على المبالغة وكثرة العدد والصنف مقارنة بالكافرين. الكافرين: التي تدل على الحدث أو الفعل.