﴿مِنْ أَنْصَارٍ﴾: من: استغراقية تشمل أي نصير. وأنصار: جمع نصير، بينما ناصرين: جمع ناصر، ونصير: أبلغ وآكد من ناصر، ويدل على ثبوت الصفة، وتأتي في سياق الأمور الهامة.
والظالمين هنا تعني: هؤلاء الّذين ظلموا أنفسهم بأنّ نذروا لله، ثم لم يوفوا بما عاهدوا الله عليه، أو نذروا لغير الله أو أنفقوا رياءً وسمعة أو لم يزكوا أموالهم أو الإنفاق في المعاصي وغيرها، فهؤلاء لا يجدون لهم ولياً، ولا نصيراً يوم القيامة، وهذا وعيد شديد لمن يظلم نفسه، وإذا قارنا هذه الآية مع قوله تعالى: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [الحج: ٧١]، أنصار: أكثر من نصير، وأنصار في كل زمان، والنصير أقوى من الناصر. والظالمين في آية البقرة تعني: في الظلم بشكل عام، وأما الظلم في آية الحج تعني: الشرك، فالظالمين في آية الحج أسوء وأشد من الظالمين في أمور الإنفاق والنذور والأموال كما في آية البقرة.
قيل: نزلت هذه الآية بعد الآية السابقة: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِنْ نَفَقَةٍ﴾، فقد سأل الصّحابة رسول الله ﷺ، فقالوا: يا رسول الله! صدقة السر أفضل، أم صدقة العلانية، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
﴿إِنْ﴾: شرطية تفيد الاحتمال والندرة، ولكن سبحانه أعقبها بفعل مضارع (تبدوا الصدقات)، والفعل المضارع يدل على التجدد، والتكرار، والإنفاق.
﴿تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ﴾: أي: تظهروها، أو تعلنوها كم هي ونوعها.
والصدقات جمع صدقة، والصدقة: قد تكون فرضاً كالزكاة، أو نفلاً؛ أي: تطوعاً زيادة على الزكاة، ويرجى بها الثواب والأجر.