بعضهم لبعض ظهيراً. هذا التّحدي استعمل كمثل وأصبحت الآية كمثل يراد به تحدي قدرة علماء الأرض قاطبة على خلق ذبابٍ مهما تقدموا في العلم أو اكتشفوا واخترعوا.
﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ﴾: وإن: شرطية تفيد الاحتمال والشّك، يسلبهم الذّباب شيئاً بعد أن تحدّاهم بخلق ذبابٍ، وعلم سبحانه أنّهم لن يقدروا على ذلك، تحدّاهم بأقل من الخلق؛ وهو إعادة ما سلبهم الذّباب من طعام لا يستنقذوه منه: لا النّافية لكلّ الأزمنة، أي: لا يستطيع أحد أيضاً أن يُعيد ما أخذه الذّباب من طعام؛ لأنّ الله سبحانه أعطى القدرة لهذه الذبابة أن تفرز مادة من فمها مجرد أن تمتص أو تسلب أيَّ شيء هذه المادة المفرزة، لها القدرة على تحويل المادة المسلوبة إلى مادة أخرى تناسب معدة الذبابة قبل وصولها إلى معدتها ولم تعد نفس المادة الّتي سلبتها، ويستحيل إعادتها إلى أصلها، ومن هنا كان التحدي بأقل من الخلق.
﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ﴾: إشارة إلى الإنسان غير القادر على استرجاع ما يسلبه الذباب.
﴿وَالْمَطْلُوبُ﴾: هي المادة الّتي سلبتها الذبابة: ضعُفت؛ لأنّها لم تبقَ على حالها الأصلية وتحولت إلى مادة ضعيفة، حيث أصبحت أقل تركيزاً وأسهل هضماً للذبابة، ولو كان الإنسان قادر على استرجاع ما سلبته الذباب لاسترجع شيئاً آخر غير المطلوب.
﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾: ما: النّافية، قدروا الله حقّ قدره: ما عرفوا قدر الله تعالى، ما عظّموه وذكروه حقَّ ذكره، وعبدوه حقَّ عبادته، ولو عرفوا وعلموا عظمته وقدره ما عبد هؤلاء الّذين لا يستطيعون أن يخلقوا ذباباً ولا يستطيعون أن يستنقذوا ما يسلبهم الذّباب، وكذلك آلهتهم العاجزة أيضاً أن تخلق