للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشياخنا أن إبليس لعنه الله جاء إلى موسى وهو يناجي ربه تعالى، فقال له الملك: ويلك ما ترجو منه وهو على هذه الحالة يناجي ربه. قال: أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة. قال القرشي: وثنا أحمد بن عبد الأعلى الشيباني، ثنا فرج ابن فضالة، عن عبد الرحمن بن زياد قال: بينما موسى جانس في بعض مجالسه اذا أقبل إبليس وعليه برنس (١) له يتلون فيه ألوانا فلما دنا منه خلع البرنس فوضعه ثم أتاه وقال له: السلام عليك يا موسى. فقال له موسى من أنت؟ قال: أنا إبليس. قال: فلا حياك الله، ما جاء بك؟ قال: جئت لأسلم عليك لمنزلتك عند الله تعالى ومكانك منه، قال: فما الذي رأيته عليك؟ قال: به أختطف قلوب بني آدم. قال: فما الذي إذا صنعه الإنسان استحوذت عليه، قال: إذا أعجبته نفسه، واستكثر عمله، ونسي ذنوبه، وأحذرك ثلاثا:

لا تخلون بامرأة لا تحل لك قط، فإنه ما خلا رجل بامرأة لا تحل له إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أفتنه بها.

ولا تعاهد الله عهدا إلا وفيت به، فإنه ما عاهد الله أحد إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به. ولا تخرجن صدقة إلا أمضيتها، فإنه ما أخرج رجل صدقة فلم يمضها إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين إخراجها. ثم ولى وهو يقول: يا ويله ثلاثا علم موسى ما يحذر به بني آدم.

قال القرشي: وحدثني محمد بن إدريس، ثنا أحمد بن يونس، ثنا حسن ابن صالح، قال: سمعت أن الشيطان قال للمرأة: أنت نصف جندي وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطئ، وأنت موضع سري، وأنت رسولي في حاجتي.

قال القرشي: وحدثنا اسحاق ابن إبراهيم، ثني هشام بن يوسف بن عقيل بن معقل ابن أخي وهب بن منبه قال: سمعت وهبا يقول: قال راهب للشيطان وقد بدا له: أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ قال الحدة (٢) إن العبد إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة.


(١) البرنس: هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو غيرهما.
(٢) الحدة ما يعتري الانسان من الغضب.

<<  <   >  >>