للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماء، فألقيت الشص (١) فخرجت سمكة فطرحتها على الأرض، وألقيت الثانية فخرجت لي سمكة، فأنا اطرحها ثالثة إذا من ورائي لطمة لا أدري من يد من هي ولا رأيت أحدا، وسمعت قائلا يقول: أنت لم تصب رزقا في شيء إلا أن تعمد إلى من يذكرنا فتقتله. قال: فقطعت الشعر وكسرت القصبة وانصرفت. أنبأنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري، ثنا أبي، قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا عثمان بن الآدمي، قال: سمعت إبراهيم الخواص يقول: طلبت فقصدت .... الخ ما تقدم.

قال المصنف قلت: وهذه القصة إن صحت فإن في الروايتين بعض من يتهم، فإن اللاطم إبليس وهو الذي هتف به لأن الله تعالى أباح الصيد فلا يعاقب على ما أباحه، وكيف يقال له: تعمد إلى من يذكرنا فتقتله، وهو الذي أباح له قتله وكسب الحلال ممدوح، ولو تركنا الصيد وذبح الأنعام لأنها تذكر الله تعالى لم يكن لنا ما يقيم قوى الأبدان، لأنه لا يقيمها الا اللحم فالتحرج (٢) من أخذ السمك وذبح الحيوان مذهب البراهمة، فانظر إلى الجهل ما يصنع وإلى إبليس كيف يفعل.

أخبرنا أبو منصور القزاز، نا أحمد بن علي بن ثابت، نا عبد العزيز ابن علي الأزجي، ثنا علي بن عبد الله الهمداني، ثنا محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الملك، قال: سمعت شيخا يكنى أبا تراب يقول: قيل لفتح الموصلي: أنت صياد بالشبكة، ولم لا تصيد شيئا الا وتطعمه لعيالك، فلم لا تصيد وتبيع ذلك الناس، فقال: أخاف أن أصطاد مطيعا لله تعالى في جوف الماء فأطعمه عاصيا لله على وجه الأرض.

قال المصنف : قلت: أن صحت هذه الحكاية عن فتح الموصلي فهو من التعلل البارد المخالف للشرع والعقل، لان الله تعالى أباح الكسب وندب إليه. فإذا قال قائل: ربما خبزت خبزا فأكله عاص كان حديثا فارغا، لأنه لا يجوز لنا إذا أن نبيع الخبز لليهود والنصارى.

ذكر تلبس إبليس على الصوفية في ترك التداوي

قال المصنف : لا يختلف العلماء أن التداوي مباح، وانما.


(١) القص: سنارة الصياد
(٢) من الحرج: وهو الاثم أو الضيق.

<<  <   >  >>