للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جميع الخلائق وبقيت أنت لكان قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ خطابا لك.

ومنهم من يقول: سأتوب وأصلح، وكم من أبله ساكن (١) الامل فاختطفه الموت قبله، وليس من الحزم تعجيل الخطأ وانتظار الصواب. وربما لم تتهيأ التوبة وربما لم تصح، وربما لم تقبل، ثم لو قبلت بقى الحياء من الجناية أبدا. فمرارة خاطر المعصية حتى تذهب أسهل من معاناة التوبة حتى تقبل.

ومنهم من يتوب ثم ينقض (٢) فيلج عليه إبليس بالمكائد لعلمه بضعف عزمه.

وبإسناد عن الحسن أنه قال: إذا نظر إليك الشيطان ورآك على غير طاعة الله تعالى فنعاك (٣)، وإذا رآك مواوما على طاعة الله ملك ورفضك، وإذا رآك مرة هكذا ومرة هكذا طمع فيك.

فصل

ومن تلبيسه عليهم أن يكون لأحدهم نسب معروف فيغتر بنسبه فيقول: أنا من أولاد أبى بكر، وهذا يقول: أنا من أولاد علي، وهذا يقول: أنا شريف من أولاد الحسن أو الحسين، أو يقول: أنا قريب النسب من فلان العالم أو من فلان الزاهد. وهؤلاء يبنون أمرهم على أمرين: أحدهما - أنهم يقولون: من أحب إنسانا أحب أولاده وأهله. والثاني - أن هؤلاء لهم شفاعة وأحق من شفعوا فيه أهلهم وأولادهم. وكلا الأمرين غلط.

أما المحبة فليست محبة الله ﷿ كمحبة الادميين، وإنما يحب من أطاعه، فإن أهل الكتاب من أولاد يعقوب لم ينتفعوا بآبائهم، ولو كانت محبة الاب تسرى لسرى إلى البعض أيضا.

وأما الشفاعة فقد قال الله تعالى: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارتضى﴾ (الانبياء: ٢٨). ولما أراد نوح حمل ابنه في السفينة قيل له: «انه ليس من أهلك» (هود: ٤٦) ولم يشفع إبراهيم في أبيه ولا نبينا في امه، وقد


(١) ساكنه: سكن واياه في دار واحدة.
(٢) اى ينقض توبته ويعود الى الذنب.
(٣) لعلها: الفك.

<<  <   >  >>