للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرون وقفة، وكم من مجاور قد طال مكثه ولم يشرع في تنقية باطنه وربما كانت همته متعلقة بفتوح يصل إليه ممن (١) كان وربما قال: أن لي اليوم عشرين سنة مجاورا. وكم قد رأيت في طريق مكة من قاصد إلى الحج يضرب رفقاءه (٢) على الماء ويضايقهم في الطريق.

وقد لبس إبليس على جماعة من القاصدين إلى مكة فهم يضيعون الصلوات ويطففون إذا باعوا ويظنون أن الحج يدفع عنهم. وقد لبس إبليس على قوم منهم فابتدعوا في المناسك ما ليس منها، فرأيت جماعة يتصنعون في إحرامهم فيكشفون عن كتف واحدة ويبقون في الشمس أياما فتكشط (٣) جلودهم وتنتفخ رؤوسهم ويتزينون بين الناس بذلك. وفي أفراد البخاري من حديث ابن عباس . «أن النبي رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام فقطعه» وفي لفظ آخر: «رأى رجلا يقود إنسانا بخزامة في أنفه فقطعها بيده ثم أمره أن يقوده بيده».

قال المصنف: وهذا الحديث يتضمن النهي عن الابتداع في الدين وإن قصدت بذلك الطاعة.

فصل

وقد لبس على قوم يدعون التوكل فخرجوا بلا زاد وظنوا أن هذا هو التوكل وهم على غاية الخطأ. قال رجل للإمام أحمد بن حنبل : أريد أن أخرج إلى مكة على التوكل من غير زاد. فقال له أحمد: فاخرج في غير القافلة. قال: لا إلا معهم، قال: فعلى جراب الناس توكلت فنسأل الله أن يوفقنا.

ذكر تلبس إبليس على الغزاة

قال المصنف: قد لبس إبليس على خلق كثير فخرجوا إلى الجهاد ونيتهم المباهاة والرياء ليقال: فلان غاز، وربما كان المقصود أن يقال: شجاع أو كان طلب الغنيمة، وانما الاعمال بالنيات.


(١) أي من أي شخص كان.
(٢) الرفيق: المرافق، وجمعه رفقاء.
(٣) كشط الغطاء عن الشيء: كشفه ونزعه.

<<  <   >  >>