للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاء فسقطت عيناي ويداي ورجلاي، قال: فمكثت أخدمه تمام اثنتي عشرة سنة، فقال يوما من الأيام: ادن مني فدنوت منه فسمعت أعضاءه يخاطب بعضها بعضا: أبرز (١) حتى برزت أعضاؤه كلها بين يديه وهو يسبح ويقدس ثم مات.

قال المصنف: وهذه الحكاية توهم أن الرجل رأى الله ﷿ فلما أنكر عوقب. وقد ذكرنا أن قوما يقولون: أن الله ﷿ يرى في الدنيا. وقد حكى أبو القاسم عبد الله بن أحمد البلخي في «كتاب المقالات» قال: قد حكى قوم من المشبهة أنهم يجيزون رؤية الله تعالى بالأبصار في الدنيا، وأنهم لا ينكرون أن يكون بعض من تلقاهم في السكك، وإن قوما يجيزون مع ذلك مصافحته وملازمته وملامسته، ويدعون أنهم يزورونه ويزورهم وهم يسمون بالعراق أصحاب الباطن وأصحاب الوساوس وأصحاب الخطرات.

قال المصنف: وهذا فوق القبيح نعوذ بالله من الخذلان.

ذكر تلبس إبليس على الصوفية في الطهارة

قال المصنف: قد ذكرنا تلبيسه على العباد في الطهارة إلا أنه قد زاد في حق الصوفية على الحد فقوي وساوسهم في استعمال الماء الكثير حتى بلغني أن ابن عقيل: دخل رباطا فتوضأ، فضحكوا لقلة استعماله الماء وما علموا أن من أسبغ الوضوء برطل من الماء كفاه. وبلغنا عن أبي حامد الشيرازي أنه قال لفقير: من أين تتوضأ؟ فقال: من النهر، بي وسوسة في الطهارة، قال: كان عهدي بالصوفية يسخرون من الشيطان، والآن يسخر بهم الشيطان. ومنهم من يمشي بالمداس (٢) على البواري، وهذا لا بأس به الا انه ربما نظر المبتدى إلى من يقتدي به فيظن ذلك شريعة، وما كان خيار السلف على هذا. والعجب ممن يبالغ في الاحتراز إلى هذا الحد متصفا بتنظيف ظاهره وباطنه محشو بالوسخ والكدر، والله الموفق.

[ذكر تلبس ابلس عليهم في الصلاة]

قال المصنف: قد ذكرنا تلبيسه على العباد في الصلاة وهو بذلك يلبس على الصوفية ويزيد. وقد ذكر محمد بن طاهر المقدسي ان من سننهم التي


(١) من البروز وهو الخروج.
(٢) المداس: الحذاء.

<<  <   >  >>