للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درهم من اللحم يقسي القلب أربعين صباحا. وكان فيهم من يمتنع من الطيبات كلها، ويحتج بما أخبرنا به عل بن عبد الواحد الدنور، نا أبو الحسن القزويني، نا أبو حفص بن الزيات، ثنا ابن ماجه، ثنا أزهر بن جميل، ثنا بزيغ، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله : «احرموا أنفسكم طيب الطعام فإنما قوي الشيطان أن يجري في العروق بها (١)». وفيهم من كان يمتنع من شرب الماء الصافي. وفيهم من يمتنع من شرب الماء البارد فيشرب الحار. ومنهم من كان يجعل ماءه في دن (٢) مدفون في الأرض فيصير حارا ومنهم من يعاقب نفسه بترك الماء ونفعه مدة. وأخبرنا محمد بن ناصر، أنبأنا أبو الفضل محمد بن علي السهلكي، قال: سمعت عبد الواحد بن بكر الوريان، ثن محمد بن سعدان، ثن عيسى بن موسى البسطامي، قال: سمعت أبي يقول: قال: سمعت عمي خادم أبي يزيد يقول: سمعت أبا يزيد يقول: ما أكلت شيئا مما يأكله بنو آدم أربعين سنة. قال: وأسهل ما لاقت نفسى منى أنى سألتها أمرا المدن ة الأمور فأبت، فعزمت أن لا أشرب الماء سنة فما شربت الماء سنة. وحقكنى رجلد أبو حامد الغزالي عن أبي يزيد أنه قال: دعوت نفسي إلى الله ﷿ فجلمحات مشق فعزمت عليها أن لا أشرب الماء سنة ولا أذوق النوم سنة فوفت لي بذلك

فصل

قال المصنف: وقد رتب أبو طالب المكي للقوم ترتيبات في المطاعم فقال استحب للمريد ألا يزيد على رغيفين في يوم وليلة، قال: ومن الناس من كان يعمل في الأقوات فيقلها. وكان بعضهم يزن قوته بكربة (٣) من كريم عامة النخل، وهي تجف كل يوم قليلا فينقص من قوته بمقدار ذلك، قال: ومن كان يعمل في الأوقات فيأكل كل يوم ثم يتدرج الى يومين و وثلاثة، قال والجوع ينقص دم الفؤاد فيبيضه، وفي بياضه نوره، ويذيب شحم الفؤاد وفي ذوبانه رفته، وفي رقته مفتاح المكاشفة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: وقد صنف لهم أبو عبد الله محمد بن علي الترمذي (٤) كتابا سماه «رياضة النفوس» قال فيه: فينبغي للمبتدي فى


(١) حديث موضوع، وسيبين ذلك المصنف بعد قليل
(٢) الدن: الراقود العظيم لا يقعد الا ان يحفر له والجمع: دنان.
(٣) الكربة: جمع الكرب، وهي أصول السعف الغلاظ العراض التي تقطع معها.
(٤) وهو غير صاحب السنن، فذاك أبو عيسى محمد بن عس الحافظ المتوفى سنة ٢٧٩ هـ.

<<  <   >  >>