من جهة الله ﷿، ثم لا تظهر هذه الدعوة على القرب من جوار هذا الخليفة الذي وسمناه بالعصمة، فإن قرب الدار يهتك الأستار. وإذا بعدت الشقة وطالت المسافة فمتى يقدر المستجيب للدعوة أن يفتش عن حال الإمام أو يطلع على حقيقة أمره؟ وقصدهم بهذا كله الملك والاستيلاء على أموال الناس، والانتقام منهم لما عاملوهم به من سفك دمائهم ونهب أموالهم قديما فهذا غاية مقصودهم ومبدأ أمرهم.
فصل
قال المصنف: وللقوم حيل في استغلال الناس فهم يميزون من يجوز أن يطمع في استدراجه ممن لا يطمع فيه. فإذا طمعوا في شخص نظروا في طبعه فإن كان مائلا إلى الزهد دعوه إلى الأمانه والصدق وترك الشهوات. وإن كان مائلا إلى الخلاعة قرروا في نفسه أن العبادة بله (١). وأن الورع حماقة، وإنما الفطنة في اتباع اللذات من هذه الدنيا الفانية. ويثبتون عند كل ذي مذهب ما يليق بمذهبه ثم يشككونه فيما يعتقده فيستجيب لهم أما رجل أبله أو رجل من أبناء الأكاسرة وأولاد المجوس ممن قد انقطعت دولة أسلافه بدولة الإسلام أو رجل يميل إلى الاستيلاء ولا يساعده الزمان فيعدونه بنيل آماله. او شخص يحب الترفع عن مقامات العوام ويروم بزعمه الاطلاع على الحقائق أو رافضي يتدين بسب الصحابة ﵃ أو ملحد من الفلاسفة والثنوية والمتحيرين في الدين أو من قد غلبت عليه حب اللذات وثقل عليه التكليف.
[فصل ذكر نبذة من مذاهبهم]
قال أبو حامد الطوسي: الباطنية قوم يدعون الإسلام ويميلون إلى الرفض. وعقائدهم وأعمالهم تباين الإسلام فمن مذهبهم القول بآلهين قديمين لا أول لوجودهما من حيث الزمان إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني قالوا: والسابق لا يوصف بوجود ولا عدم ولا هو موجود ولا هو معدوم. ولا هو معلوم ولا هو مجهول. ولا هو موصوف ولا غير موصوف وحدث عن السابق الثاني وهو أول مبدع. ثم حديث النفس الكلية وعندهم أن النبي ﵇ عبارة عن شخص فاضت عليه من السابق بواسطة