للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحصن وتصدأ المرآة، وكمال الفكر يرد الدخان، وصقل الذكر يجلو المرآة وللعدو حملات فتارة يحمل فيدخل الحصن، فيكر عليه الحارس فيخرج، وربما دخل فعاث (١) وربما أقام لغفلة الحارس، وربما ركدت الريح الطاردة للدخان فتسود حيطان الحصن وتصدأ المرآة فيمر الشيطان ولا يدري به، وربما جرح الحارس لغفلته وأسر واستخدم وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته، وربما صار كالفقيه في الشر.

قال بعض السلف: رأيت الشيطان، فقال لي: قد كنت ألقي للناس فأعلمهم، فصرت ألقاهم فأتعلم منهم، وربما هجم الشيطان على الذكي الفطن ومعه عروس الهوى قد جلاها فيتشاغل الفطن بالنظر إليها فيستأسره، وأقوى القيد الذي يوثق به الأسرى الجهل، وأوسطه في القوة الهوى، وأضعفه الغفلة. وما دام ذرع الايمان على المؤمن فان نيل العدو لا يقع في مقتل.

أخبرنا محمد بن أبي القاسم، نا أحمد بن أحمد، نا أبو نعيم الحافظ، نا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن محمد بن يعقوب ثنا محمد بن يوسف الجوهري ثنا أبو غسان النهدي، قال: سمعت الحسن بن صالح يقول: إن الشيطان ليفتح للعبد تسعة وتسعين بابا من الخير يريد به بابا من الشر. أنبأنا علي بن عبد الله، نا محمد بن محمد النديم، نا عمى عبد الواحد بن أحمد، ثنى أبي أحمد بن الحسين العدل، ثنا أبو جعفر محمد بن صالح، ثنا حيان بن الفلس الجماني، ثنا حماد بن شعيب، عن الأعمش، قال: حدثنا رجل كان يكلم الجن، قالوا: ليس علينا أشد ممن يتبع السنة وأما أصحاب الأهواء فإنا نلعب بهم لعبا

[الباب الخامس في ذكر تلبيسه في العقائد والديانات]

ذكر تلبيسه على السوفسطائية (٢)

قال الشيخ: هؤلاء قوم ينسبون إلى رجل يقال له سوفسطا، زعموا


(١) عاث يعيث عيثا: أفسد.
(٢) اعلم ان السوفسطائية ثلاثة مذاهب: الأول ينكر حقائق الأشياء ويزعم أنها أوهام وهم العنادية والثاني ينكر العلم بثبوت الشيء ولا بعدم ثبوته ولا ينكر نفس الحقائق ولا يثبتها ويزعم أنه شاك في أنه شاك وهم اللا أدرية والثالث يزعم أن الحقائق تابعة للاعتقادات مع كونه ينكر ثبوتها وهم العندية وهي مذكورة في كلام المصنف على هذا الترتيب.

<<  <   >  >>