للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: رأيت إبليس في المنام على بعض سطوح أولاس وأنا على سطح وعلى يمينه جماعة وعلى يساره جماعة وعليهم ثياب لطاف، فقال لطائفة منهم: قولوا وغنوا، فاستغرقني طيبة حتى هممت أن أطرح نفسي من السطح ثم قال: أرقصوا فرقصوا أطيب ما يكون، ثم قال لي: يا أبا الحارث ما أصبت منكم شيئا أدخل به عليكم إلا هذا.

[ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في الوجد]

قال المصنف : هذه الطائفة إذا سمعت الغناء تواجدت، وصفقت وصاحت، ومزقت الثياب. وقد لبس عليهم إبليس في ذلك وبالغ. وقد احتجوا بما أخبرنا به أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن محمد بن الفضل الكرماني، قال: أخبرنا أبو الحسن سهل بن علي الخشاب، قال: أخبرنا أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي، قال: وقد قيل له: أنه لما نزلت ﴿وإن جهنم لموعدهم أجمعين﴾ (الحجر: ٤٣) صاح سلمان الفارسي صيحة ووقع على رأسه ثم خرج هاربا ثلاثة أيام.

واحتجوا بما أخبرنا به عبد الوهاب بن المبارك الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف بن دوست، قال: أخبرنا الحسين ابن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي، قال: اخبرنا علي بن الجعد، بن عياش عن عيسى بن سليم عن أبي وائل، قال: خرجنا مع عبد الله ومعنا الربيع بن خثيم فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النار فنظر الربيع إليها فمال ليسقط، ثم أن عبد الله مضى حتى أتينا على أتون على شاطئ الفرات، فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تغيظا وزفيرا إلى قوله ﴿ثبورا كثيرا﴾ (الفرقان: ١٢) فصعق الربيع واحتملناه إلى أهله ورابطه (١) عبد الله حتى يصلي الظهر، فلم يفق ثم رابطه إلى العصر فلم يفق، ثم رابطه إلى المغرب فأفاق فرجع عبد الله إلى أهله، قالوا: وقد اشتهر عن خلق كثير من العباد أنهم كانوا إذا سمعوا القرآن فمنهم من يموت، ومنهم من يصعق ويغشى عليه، ومنهم من يصيح وهذا كثير في الزهد.


(١) لازمه

<<  <   >  >>