للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه نبذة من كلام القوم وفقههم نبهت على قلة علمهم وسوء فهمهم وكثرة خطئهم. وقد سمعت أبا عبد الله حسين بن علي المقري يقول: سمعت أبا محمد عبد الله بن عطاء الهروي يقول: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن المظفر يقول: سمعت أبا عبد الرحمن بن الحسين يقول: سمعت عبد الله بن الحسين السلامي يقول: سمعت علي بن محمد المصري، يقول: سمعت أيوب بن سليمان، يقول: سمعت محمد بن محمد بن إدريس الشافعي يقول: سمعت أبي يقول: صحبت الصوفية عشرة سنين ما استفدت منهم إلا هذين الحرفين: الوقت سيف، وأفضل العصمة أن لا تقدر.

ذكر تلبيس إبليس في الشطح والدعاوى

قال المصنف : اعلم أن العلم يورث الخوف واحتقار النفس وطول الصمت، وإذا اعتبرت علماء السلف رأيت الخوف غالبا عليهم والدعاوى بعيدة عنهم، كما قال أبو بكر: ليتني كنت شعره في صدر مؤمن. وقال عمر عند موته: الويل لعمر إن لم يغفر له. وقال ابن مسعود: ليتني إذا مت لا أبعث. وقالت عائشة : ليتني كنت نسيا منسيا. وقال سفيان الثوري لحماد بن سلمة عند الموت: ترجو أن يغفر لمثلي؟ قال المصنف : وإنما صدر مثل هذا عن هؤلاء السادة لقوة علمهم بالله وقوة العلم به تورث الخوف والخشية. قال الله ﷿: ﴿إِنَّمَا يخشى الله من عباده العلماء﴾ (فاطر: ٢٨) وقال : «أنا أعرفكم بالله وأشدكم له خشية» (١). ولما بعد عن العلم أقوام من الصوفية لاحظوا أعمالهم (٢)، واتفق لبعضهم من اللطف ما يشبه الكرامات فانبسطوا (٣) بالدعاوى.

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، نا أبو الفضل محمد بن علي السهلكي، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي يقول: ثنا أبو بكر عمر بن يمن، ثنا أبو عمر الرهاوي، ثنا أحمد بن محمد الجزري، قال: سمعت أبا موسى الدئيلي يقول: سمعت أبا يزيد البسطامي يقول: وددت


(١) أوردناه في فصل «تلبيس إبليس على الصوفية في ترك النكاح» ولفظه كما في «الصحيحين» «أما والله اني لاخشاكم لله واتقاكم له».
(٢) اي راقبوا.
(٣) اي تجرؤوا ولم يحتشموا.

<<  <   >  >>