للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبإسناد عن جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد يقول: قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة. وبإسناد عن طيفور البسطامي يقول: سمعت موسى بن عيسى يقول: قال لي أبي: قال أبو يزيد: لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود (١). وبإسناد عن أبي موسى يقول: سمعت أبا يزيد البسطامي قال: من ترك قراءة القرآن والتقشف ولزوم الجماعة وحضور الجنائز وعيادة المرضى وادعى بهذا الشأن فهو مبتدع. وبإسناد عن عبد الحميد الحبلى يقول: سمعت سريا يقول: من ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط. وعن الجنيد أنه قال: مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة. وقال أيضا: علمنا منوط بالكتاب والسنة من لم يحفظ الكتاب ويكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به. وقال أيضا: ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات، لأن التصوف من صفاء المعاملة مع الله ، وأصله التفرق عن الدنيا، كما قال حارثة: عرفت نفسي في الدنيا فأسهرت ليلي (٢) وأظمأت نهاري (٣). وعن أبي بكر الشفاف قال: من ضيع حدود الأمر والنهي في الظاهر حرم مشاهدة القلب في الباطن. وقال الحسين النوري لبعض أصحابه: من رأيته يدعي مع الله ﷿ حالة تخرجه عن حد علم الشرع فلا تقربنه، ومن رأيته يدعي حالة لا يدل عليها دليل ولا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه على دينه. وعن الجريري قال: أمرنا هذا كله مجموع على فضل واحد وهو أن تلزم قلبك المراقبة ويكون العلم على ظاهرك قائما. وعن أبي جعفر قال: من لم يزن أقواله وأفعاله وأحواله بالكتاب والسنة ولم يتهم خاطره فلا تعده في ديوان الرجال.

فصل

قال المصنف: وإذ قد ثبت هذا من أقوال شيوخهم وقعت من بعض أشياخهم غلطات لبعدهم عن العلم، فان كان ذلك صحيحا عنهم توجه الرد عليهم إذ لا محاباة في الحق، وإن لم يصح عنهم حذرنا من مثل هذا القول،


(١) أي حدود الله وأحكامه الشرعية.
(٢) أي لم أنم في الليل فبقيت متهجدا.
(٣) أي قضيته في الصيام.

<<  <   >  >>