للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وقد لبس إبليس على خلق كثير من جهلة المتعبدين فرأوا أن العبادة هي القيام والقعود فحسب، وهم يدأبون في ذلك ويخلون في بعض واجباتهم ولا يعلمون، وقد تأملت جماعة يسلمون إذا سلم الإمام، وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذلك لا يحمله الإمام عنهم. ولبس على آخرين منهم فهم يطيلون الصلاة ويكثرون القراءة ويتركون المسنون في الصلاة ويرتكبون المكروه فيها. وقد دخلت على بعض المتعبدين وهو يتنفل بالنهار ويجهر بالقراءة، فقلت له: إن الجهر بالقراءة بالنهار مكروه، فقال لي: أنا أطرد النوم عني بالجهر، فقلت له: إن السنن لا تترك لأجل سهرك، ومتى غلبك النوم فنم فإن للنفس عليك حقا وعن بريدة قال: قال رسول الله : «من جهر بالقراءة في النهار فارجموه بالبعر (١)».

فصل

وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين فأكثروا من صلاة الليل، وفيهم من يسهره كله ويفرح بقيام الليل وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض ثم يقع (٢) قبيل الفجر فتفوته الفريضة، او يقوم فيتهيأ لها فتفوته الجماعة، أو يصبح كسلان فلا يقدر على الكسب لعائلته. ولقد رأيت شيخا من المتعبدين يقال له: حسين القزويني يمشي كثيرا من النهار في جامع المنصور، فسألت عن سبب مشيه فقيل لي: لئلا ينام فقلت: هذا جهل بمقتضى الشرع والعقل.

أما الشرع فان النبي قال: «إن لنفسك عليك حقا فقم ونم» (٣) وكان يقول: «عليكم هديا قصدا فانه من يشادد هذا الدين يغلبه (٤)» ٠ وعن أنس بن مالك قال دخل رسول الله المسجد وحبل ممدود بين ساريتين فقال: «ما هذا؟ قالوا: لزينب تصلى


(١) ولم أجده بهذا اللفظ.
(٢) يقصد أنه ينام.
(٣) رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولفظه «ان لجسدك عليك حقا».
(٤) رواه البخاري عن ابي هريرة، ولفظه «ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه فسددوا وقاربوا، وابشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الداجة».

<<  <   >  >>