للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفضل بن الفضل الكندي، قال: سمعت عبدوس يقول: سمعت أبا حامد الخلفاني يقول لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله هذه القصائد الرقاق التي في ذكر الجنة والنار أي شيء تقول فيها فقال: مثل أي شيء قلت: يقولون:

إذا ما قال لي ربي … أما استحييت تعصيني

وتخفي الذنب من خلقي … وبالعصيان تأتيني

فقال: أعد علي، فأعدت عليه، فقام ودخل بيته ورد الباب - فسمعت نحيبه من داخل البيت وهو يقول:

إذا ما قال لي ربي … أما استحييت تعصيني

وتخفي الذنب من خلقي … وبالعصيان تأتيني

ومن الأشعار أشعار تنشدها النواح، يثيرون بها الأحزان والبكاء، فينهي عنها لما في ضمنها.

فأما الأشعار التي ينشدها المغنون المتهيئون (١) للغناء ويصفون فيها المستحسنات والخمر وغير ذلك مما يحرك الطباع ويخرجها عن الاعتدال ويثير كامنها من حب اللهو، وهو الغناء المعروف في هذا الزمان مثل قول الشاعر:

ذهبي اللون من … وجنتيه النار تتقدح

خوفوني من فضيحته … ليته وافى (٢) وأفتضح

وقد أخرجوا لهذه الأغاني ألحانا مختلفة كلها تخرج سامعها عن حيز الاعتدال، وتثير حب الهوى، ولهم شيء يسمونه البسيط يزعج القلوب عن مهل ثم يأتون بالنشيد بعده فيجعجع القلوب. وقد أضافوا إلى ذلك ضرب القضيب والإيقاع به على وفق الإنشاد، والدف بالجلاجل، والشبابة الثانية عن الزمر، فهذا الغناء المعروف اليوم.

فصل

قال المصنف : وقبل أن نتكلم في إباحته أو تحريمه أو كراهته نقول: ينبغي للعاقل أن ينصح نفسه وإخوانه، ويحذر تلبيس إبليس في إجراء هذا الغناء مجرى الأقسام المتقدمة التي يطلق عليها اسم الغناء. فلا


(١) المتهيئون: المتفرغون
(٢) وافي اتى

<<  <   >  >>