ولما كانت الفلاسفة قريبا من زمان شريعتنا والرهبنة كذلك مد بعض أهل ملتنا يده إلى التمسك بهذه وبعضهم مد يده الى التمسك بهذه، فترى كثيرا ترهبنوا، فنسأل الله ثباتا على ملتنا وسلامة من عدونا انه ولي الاجابة. من الحمقى إذا نظروا في باب الاعتقاد تفلسفوا، واذا نظروا في باب التزهد.
[ذكر تلبيسه على أصحاب الهياكل]
وهم قوم يقولون: إن لكل روحاني من الروحانيات العلوية هيكلا أعني جرما من الأجرام السماوية هو هيكله، ونسبته إلى الروحاني المختص به نسبة أبداننا الى أرواحنا، فيكون هو مديره والمتصرف فيه. فمن جملة الهياكل العلوية السيارات والثوابت. قالوا: ولا سبيل لها إلى الروحاني بعينه، فيتقرب إلى هيكله بكل عبادة وقربان. وقال آخرون منهم: لكل هيكل سماوي شخص من الأشخاص السفلية على صورته وجوهره، فعمل هؤلاء الصور ونحتوا الأصنام وبنوا لها بيوتا.
وقد ذكر يحيى بن بشر النهاوندي أن قوما قالوا: الكواكب السبعة وهي زحل، والمشتري والمريخ، والشمس، والزهرة، وعطارد، والقمر، هي المدبرات لهذا العالم وهي تصدر عن أمر الملأ الأعلى، ونصبوا لها الأصنام على صورتها، وقربوا لكل واحد منها ما يشبهه من الحيوان. فجعلوا لزحل جسما عظيما من الآنك (١) أعمى يقرب إليه بثور حسن يؤتى به إلى بيت تحته محفور وفوقه الدرابزين من حديد على تلك الحفرة، فيضرب النور حتى يدخل البيت ويمشي على ذلك الدرابزين من الحديد فتغوص رجلاه ويداه هنالك، ثم توقد تحته النار حتى يحترق. ويقول له المقربون: مقدس أنت أيها الإله الأعمى المطبوع على الشر الذي لا يفعل خيرا، قربنا لك ما يشبهك فتقبل منا وأكفنا شرك وشر أرواحك الخبيثة.