للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الكذب ما حكيته لعظمه عندي واستبعاد مثله أن يجري في دار الإسلام.

قال: وبلغني أن هذا ومثله شاع حتى بلغ عضد الدولة، فقبض على جماعة منهم وضربهم بالسياط، وشرد جموعهم، فكفوا.

فصل

ولما قل علم الصوفية بالشرع، فصدر منهم من الأفعال والأقوال ما لا يحل مثل ما قد ذكرنا، ثم تشبه بهم من ليس منهم، وتسمى باسمهم وصدر عنهم مثل ما قد حكينا، وكان الصالح منهم نادرا، ذمهم خلق من العلماء وعابوهم حتى عابهم مشايخهم.

وبإسناد عن عبد الملك بن زياد النصيبي، قال: كنا عند مالك فذكرت له صوفيين في بلادنا، فقلت له: يلبسون فواخر ثياب اليمن ويفعلون كذا. قال: ويحك ومسلمين هم؟ قال: فضحك حتى استلقى، قال: فقال لي بعض جلسائه: يا هذا ما رأينا أعظم فتنة على هذا الشيخ منك، ما رأيناه ضاحكا قط.

وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشافعي يقول: لو أن رجلا تصوف أول النهار لا يأتي الظهر حتى يصير أحمق. وعنه أيضا أنه قال: ما لزم أحد الصوفية أربعين يوما، فعاد عقله إليه أبدا، وأنشد الشافعي:

ودعوا الذين إذا أتوك تنسكوا … واذا خلوا كانوا ذئاب حقاف (١).

وباسناد عن أبي حاتم، قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: قال أبو سليمان: ما رأيت صوفيا فيه خير إلا واحدا عبد الله بن مرزوق، قال: وأنا أرق (٢) لهم.

وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى يقول: ما رأيت صوفيا عاقلا إلا إدريس الخولاني، قال السلمي: هو مصري من قدماء مشايخهم قبل ذي النون.

وبإسناد عن يونس بن عبد الأعلى، يقول: صحبت الصوفية ثلاثين.


(١) الحقف: ما اعوج من الرمل واستطال، والجمع أحقاف وحقوف وحقاف وحقفة.
(٢) رق له: رحمه.

<<  <   >  >>