للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال لفاطمة : «لا أغني عنك من الله شيئا» ومن ظن أنه ينجو بنجاة أبيه كان كمن ظن أنه يشبع بأكل أبيه.

فصل

ومن تلبيسه عليهم أن يعتمد أحدهم على خلة (١) خير، ولا يبالي بما فعل بعدها. فمنهم من يقول: أنا من أهل السنة وأهل السنة على خير، ثم لا يتحاشى عن المعاصي. وكشف هذا التلبيس أن يقال له: إن الاعتقاد فرض والكف عن المعاصي فرض آخر، فلا يكفي أحدهما عن صاحبه وكذلك تقول الروافض: نحن يدفع عنا موالاة أهل البيت، وكذبوا فإنه إنما يدفع التقوى. ومنهم من يقول: أنا ألازم الجماعة وأفعل الخير، وهذا يدفع عنى، وجوابه كجواب الاول

فصل

ومن هذا الفن تلبيسه على العيارين (٢) في أخذ أموال الناس، فإنهم يسمون بالفتيان، ويقولون: الفتى لا يزني ولا يكذب ويحفظ الحرم ولا يهتك ستر امرأة، ومع هذا لا يتحاشون من أخذ أموال الناس، وينسون تقلى (٣) الأكباد على الأموال ويسمون طريقتهم الفتوة. وربما حلف أحدهم بحق الفتوة فلم يأكل ولم يشرب، ويجعلون إلباس السراويل للداخل في مذهبهم كإلباس الصوفية للمريد المرقعة. وربما يسمع أحد هؤلاء عن أبنته أو أخته كلمة وزر لا تصح، وربما كانت من محرض فيقتلها، ويدعون أن هذه فتوة. وربما أفتخر أحدهم بالصبر على الضرب

وبإسناد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه كان يقول: كنت كثيرا أسمع والدى احمد بن حنبل يقول: رحم الله أبا الهيثم: فقلت: من أبو الهيثم؟! فقال: أبو الهيثم الحداد لما مددت يدي إلى العقاب وأخرجت للسياط، إذا أنا بانسان يجذب ثوبي من ورائي ويقول لي: تعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا أبو الهيثم العيار اللص الطرار (٤) مكتوب في ديوان


(١) الخلة: الخصلة.
(٢) العاطلين عن العمل المتجولين.
(٣) تقلى على فراشه: تململ. تقلى اليه: تبغض. و ملوان نحب: منال.
(٤) طر الشيء: قطعه، وطر المال: سلبه.

<<  <   >  >>