للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجلا منهم قد حفظ القرآن وتزهد ثم جب نفسه (١) وهذا من أفحش الفواحش.

فصل

وقد لبس إبليس على خلق كثير من العوام يحضرون مجالس الذكر، ويبكون ويكتفون بذلك ظنا منهم أن المقصود الحضور والبكاء، لانهم يسمعون فضل الحضور في مجالس الذكر. ولو علموا أن المقصود إنما هو العمل، وإذا لم يعمل بما يسمع كان زيادة في الحجة عليه. وأني لأعرف خلقا يحضرون المجلس منذ سنين ويبكون ويخشعون، ولا يتغير أحدهم عما قد اعتاده من المعاملة في الربا والغش في البيع والجهل بأركان الصلاة والغيبة للمسلمين والعقوق للوالدين. وهؤلاء قد لبس عليهم إبليس فأراهم أن حضور المجلس والبكاء يدفع عنه ما يلابس (٢) من الذنوب وأرى بعضهم أن مجالسة العلماء والصالحين يدفع عنكم. وشغل آخرين بالتسويف بالتوبة فطال عليهم مطالهم، وأقام قوما منهم للتفرج (٣) فيما يسمعونه وأهملوا العمل به

فصل

وقد لبس ابليس على أصحاب الاموال من أربعة أوجه: أحدها - من جهة كسبها، فلا يبالون كيف حصلت، وقد فشا الربا في أكثر معاملاتهم، وأنسوه حتى أن جمهور (٤) معاملاتهم خارجة عن الإجماع. وقد روى أبو هريرة عن النبي أنه قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء من أين أخذ المال من حلال أو حرام» (٥). والثاني - من جهة البخل بها، فمنهم من لا يخرج الزكاة أصلا اتكالا على العفو، ومنهم من يخرج بعضها ثم يغلبه البخل فينظر أن المخرج يدفع عنه. ومنهم من يحتال لإسقاطها مثل أن يهب المال قبل الحلول ثم يسترده.


(١) أي قطع عضوه التناسلي.
(٢) يزاول.
(٣) اي للتلهي والتنفيس عن الغم.
(٤) اي معظم.
(٥) رواه احمد والبخاري.

<<  <   >  >>