للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعراب الذين يأتي أحدهم من البادية كأنه بهيمة، أو ما سمعت أن أحدهم أقدم على البول في المسجد كل ذلك لتعليمنا وإعلامنا أن الماء على أصل الطهارة، وتوضأ من غدير كأن ماءه نقاعة الحناء (١)، فأما قوله: استنزهوا من البول (٢)، فان للتنزه حدا معلوما وهو أن لا يغفل عن محل قد أصابه حتى يتبعه الماء، فاما الاستئثار فانه إذا علق (٣) نما وانقطع الوقت بما لا يقضي بمثله الشرع.

قال المصنف: وكان أسود بن سالم وهو من كبار الصالحين يستعمل ماءا كثيرا في وضوئه ثم ترك ذلك، فسأله رجل عن سبب تركه، فقال: نمت ليلة فإذا بهاتف يهتف بي يا أسود ما هذا. يحيى بن سعيد الأنصاري حدثني عن سعيد بن المسيب. قال: إذا جاوز الوضوء ثلاثا لم يرفع إلى السماء، قال: إذا جاوز الوضوء ثلاثا لم يرفع إلى السماء، قال: قلت: لا أعود لا أعود، فأنا اليوم يكفيني كف من ماء.

ذكر تلبيسه عليهم في الأذان

ومن ذلك التلحين في الأذان وقد كرهه مالك بن أنس وغيره من العلماء كراهية شديدة لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء. ومنه أنهم يخلطون أذان الفجر بالتذكير والتسبيح والمواعظ ويجعلون الأذان وسطا فيختلط. وقد كره العلماء كل ما يضاف إلى الأذان. وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المنارة فيعظ ويذكر. ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم ويخلط على المتهجدين قراءتهم وكل ذلك من المنكرات.

[ذكر تلبيسه عليهم في الصلاة]

فمن ذلك تلبيسه عليهم في الثياب التي يستتر بها، فترى أحدهم يغسل الثوب مرارا، وربما لمسه فيغسله ومنهم من يغسل ثيابه في دجلة.


(١) قال ابن المنذر: يروى ان النبي توضأ من بئر كان ماءه نقاعة الحناء. قلت: وقد ورد ان النبي سئل: انتوضأ من بئر بضاعة - وهي بئر يلقى فيها الحيص ولحوم الكلاب والنتن - فقال: «ان الماء طهور لا ينجسه شيء» وقد صححه احمد وغيره وحسنه الترمذي.
(٢) يشير الى ما رواه الدارقطني من حديث قتادة من انس مرفوعا: «تنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه» قال الدارقطني: مرسل: وقال الذهبي: سنده وسط.
(٣) من التعليق بالشيء والميل آليه.

<<  <   >  >>