للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الأمر أن يصوم شهرين متتابعين توبة من الله ثم يفطر فيطعم اليسير ويأكل كسرة كسرة، ويقطع الأدام والفواكه واللذة، ومجالسة الإخوان، والنظر في الكتب (١)، وهذه كلها أفراح للنفس فيمنع النفس لذتها حتى تمتلئ غما.

قال المصنف: وقد أخرج لهم بعض المتأخرين الأربعينية. يبقى أحدهم أربعين يوما لا يأكل الخبز ولكنه يشرب الزيوتات ويأكل الفواكه الكثيرة اللذيذة، فهذه نبذة من ذكر أفعالهم في مطاعمهم يدل مذكورها على مغفلها (٢)

فصل

قال المصنف : أما ما نقل عن سهل ففعل لا يجوز لأنه حمل على النفس ما لا تطيق، ثم إن الله ﷿ أكرم الآدميين بالحنطة وجعل قشورها لبهائمهم فلا تصلح مزاحمة البهائم في أكل التين وأي غذاء في التبن، ومثل هذه الأشياء أشهر من أن تحتاج إلى رد وقد حكى أبو حامد عن سهل أنه كان يرى أن صلاة الجائع الذي قد أضعفه الجوع قاعدا أفضل من صلاته قائما إذا قواه الأكل.

قال المصنف : وهذا خطأ بل إذا تقوى على القيام كان أكله عبادة لأنه يعين على العبادة، وإذا تجوع إلى أن يصلي قاعدا فقد تسبب إلى ترك الفرائض فلم يجز له، ولو كان التناول ميتة ما جاز هذا فكيف وهو حلال، ثم أي قربة في هذا الجوع المعطل أدوات العبادة. وأما قول الحداد «وأنا أنظر أن يغلب العلم أم اليقين» فإنه جهل محض لأنه ليس بين العلم واليقين تضاد إنما اليقين أعلى مراتب العلم، وأين من العلم واليقين ترك ما تحتاج إليه النفس من المطعم والمشرب، وإنما أشار بالعلم إلى ما أمره الشرع، وأشار باليقين إلى قوة الصبر وهذا تخليط قبيح، وهؤلاء قوم تشددوا فيما ابتدعوا وكانوا كقريش في تشددهم حتى سموا بالحمس (٣)


(١) سيورد المصنف بحثا خاصا في تركهم الاشتغال بالعلم وتحريق الكتب
(٢) أي ما لم يذكر
(٣) الحمس: المشتدون في الدين ومفرده الاخمس.

<<  <   >  >>