للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفعل إلا الخير، والآخر شيطان هو ظلمة لا يفعل إلا الشر على نحو ما ذكرنا عن الثنوية.

قال المصنف: وقد سبق ذكر شبههم وجوابها. وقال بعضهم: الباري قديم فلا يكون منه إلا الخير، والشيطان محدث فلا يكون منه إلا الشر. فيقال لهم: إذا أقررتم أن النور خلق الشيطان فقد خلق رأس الشر. وزعم بعضهم أن الخالق هو النور ففكر فكرة رديئة فقال: أخاف أن يحدث في ملكي من يضادني، وكانت فكرته رديئة فحدث منها إبليس، فرضي إبليس أن ينسب إلى الرداءة بعد إثبات أنه شريك.

وحكى النوبختي أن بعضهم قال: أن الخالق شك في شيء فكان الشيطان من ذلك الشك. قال: وزعم بعضهم أن الإله والشيطان جسمان قديمان كان بينهما فضاء وكانت الدنيا سليمة من الآفة والشيطان بمعزل عنها، فاحتال إبليس حتى خرق السماء بجنوده فهرب الرب عزوجل من فعلتهم وتقدس عن قولهم، فاتبعه إبليس حتى حاصره وحاربه ثلاثة الاف سنة لا هو خيصل إليه ولا الرب ﷿ يدفعه، ثم صالحه على أن يكون إبليس وجنوده في الدنيا سبعة آلاف سنة، ورأى الرب أن الصلاح في احتمال مكروه إبليس إلى أن ينقضي الشرط، فانناس في بلايا إلى انقضائه ثم يعودون إلى النعيم، وشرط إبليس عليه أن يمكنه من أشياء رديئة فوضعها في هذا العالم، وأنهما لما فرغا من شرطهما أشهدا عدلين ودفعا سيفيهما إلى العدلين، وقالا: من نكث فاقتلاه. في هذيانات كثيرة يضيع الوقت لذكرها فتنكبناها لذلك، ونذكر ما انتهى تلبس إبليس إليه ما آثرنا ذكر شيء من هذا التخطيط.

والعجب أنهم يجعلون الخالق خيرا ثم يجعلون أنه حدثت منه فكرة رديئة، فعلى قولهم يجوز أن تحدث من فكرة إبليس ملك ثم يقال لهم: أيجوز أن يفي الشيطان بما ضمن؟ فإن قالوا: لا، قيل لهم: فلا يليق بالحكمة استبقاؤه، وإن قالوا: نعم، فقد أقروا بوجود الوفاء المحمود من الشرير. وكيف أطاع الشيطا العدلين وقد عصى ربه، وكيف يجوز الافتيات على الإله؟ وهذه الخرافات لولا التفرج فيما صنعه إبليس بالعقول ما كان لذكرها فائدة ولا معنى.

ذكر تلبيس إبليس على المنجمين وأصحاب الفلك

قال أبو محمد النوبختي: ذهب قوم إلى أن الفلك قديم لا صانع له. وحكى جالينوس عن قوم أنهم قالوا: زحل وحده قديم. وزعم قوم أن الفلك.

<<  <   >  >>