مرادة لغيرها. فترى الانسان منهم لا يكاد يعرف من آداب الشريعة إلا القليل ولا من الفقه ولا يلتفت الى تزكير نفسه وصلاح قلبه. ومع هذا ففيهم كبر عظيم، وقد خيل لهم ابليس أنكم من علماء الإسلام لأن النحو واللغة من علوم الإسلام وبها يعرف معنى القرآن العزيز. ولعمري أن هذا لا ينكر ولكن معرفة ما يلزم من النحو لإصلاح اللسان وما يحتاج إليه من اللغة في تفسير القرآن والحديث أمر قريب وهو أمر لازم، وما عدا ذلك فضل لا يحتاج إليه وإنفاق الزمان في تحصيل هذا الفاضل وليس بمهم مع ترك المهم غلط وإيثاره على ما هو أنفع وأعلى رتبة كالفقه والحديث عبن (١) ولو اتسع العمر لمعرفة الكل كان حسنا. ولكن العمر قصير فينبغي إيثار الأهم والأفضل.
فصل
ومما ظنوه صوابا وهو خطأ ما أخبرنا به أبو الحسين بن فارس قال: قيل لفقيه العرب: هل يجب على الرجل إذا أشهد الوضوء قال: نعم، قال: والإشهاد أن يمذي الرجل.
قال المصنف: وذكر من هذا الجنس مسائل كثيرة وهذا غاية في الخطأ لأنه متى كان الاسم مشتركا بين مسميين كان إطلاق الفتوى على أحدهما دون الآخر خطأ، مثاله أن يقول: المستفتي: ما تقول: في وطء الرجل زوجته في قرئها، فإن القرء يقع عند اللغويين على الاطهار وعلى الحيض. فيقول الفقيه: يجوز إشارة إلى الطهر أو لا يجوز إشارة إلى الحيض خطأ. وكذلك لو قال السائل: هل يجوز للصائم أن يأكل بعد طلوع الفجر؟ لم يجز إطلاق الجواب فما ذكره فقيه العرب هو خطأ من وجهين أحدهما - أنه لم يستفصل في المحتملات، والثاني - أنه صرف الفتوى إلى أبعد المحتملات وترك الأظهر. وقد استحسنوا هذا. وقلة الفقه أوجبت هذا الزلل.
فصل
ولما كان عموم اشتغالهم بأشعار الجاهلية ولم يجد الطبع صادا عما وضع عليه من مطالعة الأحاديث ومعرفة سير السلف الصالح سالت بهم الطباع إلى هوة الهوى فانبث شرع البطالة يعبث، فقل أن ترى منهم متشاغلا بالتقوى