للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قربة، وربما كانت له ختمة فتقدم مجامر (١) الفضة، ويحضر هناك قوم من العلماء فلا هو يستعظم ما فعل ولا هم ينكرون اتباعا للعادة ومنهم من يجور في وصيته ويحرم الوارث، ويرى أنه ماله يتصرف فيه كيف شاء، وينسى أنه بالمرض قد تعلقت حقوق الوارثين به. وبإسناد عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله : «من حاف عند الوصية قذف في الوباء» (٢). والوباء واد في جهنم وعن الأعمش عن خيثمة، قال: قال رسول الله : «إن الشيطان يقول: ما غلبني عليه ابن آدم فلن يغلبني على ثلاث: آمره بأخذ المال من غير حقه، وآمره با نفاقه في غير حقه، ومنعه من حقه» (٣).

فصل

وقد لبس إبليس على الفقراء، فمنهم من يظهر الفقر وهو غني، فإن أضاف إلى هذا السؤال والأخذ من الناس فإنما يستكثر من نار جهنم. أخبرنا ابن الحصين بإسناده عن محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة ، عن النبي قال: «من سأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمرا، فليستقل منه أو ليستكثر (٤)». وإن لم يقبل هذا الرجل من الناس شيئا وكان مقصوده باظهار الفقر أن يقال: رجل زاهد فقد راعى، وإن كتم نعمة الله عنده ليظهر عليه الفقر لئلا ينفق ففي ضمن بخله الشكوى من الله.

وقد ذكرنا فيما تقدم إن رسول الله رأى رجلا بادى الهيئة، فقال: «هل لك من مال؟» قال: نعم، قال: «فلتر نعمة الله عليك» (٥). وإن كان فقيرا محقا فالمحتسب له كثمان الفقر واظهار


(١) المجمرة: ما يوضع فيه الجمر.
(٢) لم اقف على اسناده، لكن روى النسائي عن ابن عباس مرفوعا: «الاضرار في الوصية من الكبائر».
(٣) وهو من رواية الاعمش وهو مدلس عن خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، وهو تابعي، وكان يرسل وهذا من مراسيله.
(٤) ورواه مسلم.
(٥) ورواه الطبراني في «الكبير» عن أبي حازم بلفظ: «من كان له مال فلير عليه أثره» وفيه يحيى بن يزيد بن ابي بردة قال الهيثمي: ضعيف.

<<  <   >  >>