للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التجمل، فقد كان في السلف من يحمل مفتاحا يوهم أن له دارا ولا يبيت إلا في المساجد.

فصل

ومن تلبيس إبليس على الفقراء أنه يرى نفسه خيرا من الغني إذ قد زهد فيما رغب ذلك الغني فيه، وهذا غلط، وان الخيرية ليست بالوجود والعدم، وإنما هي بأمر وراء ذلك.

فصل

وقد لبس إبليس على جمهور العوام بالجريان مع العادات، وذلك من أكثر أسباب هلاكهم: فمن ذلك أنهم يقلدون الآباء والاسلاف في اعتقادهم على ما نشؤوا عليه من العادة، فترى الرجل منهم يعيش خمسين سنة على ما كان عليه أبوه ولا ينظر أكان على صواب أم على خطأ. ومن هذا تقليد اليهود والنصارى والجاهلية أسلافهم، وكذلك المسلمون يجرون في صلاتهم وعباداتهم مع العادة، فترى الرجل يعيش سنين يصلي على صورة ما رأى الناس يصلون، ولعله لا يقيم الفاتحة، ولا يدري ما الواجبات، ولا يسهل عليه أن يعرف ذلك هوانا بالدين، ولو أنه أراد تجارة لسأل قبل سفره عما ينفق في ذلك البلد. ثم ترى أحدهم يركع قبل الإمام ويسجد قبل الإمام، ولا يعلم أنه إذا ركع قبله فقد خالفه في ركن، فإذا رفع قبله فقد خالفه في ركنين فبطلت صلاته. وقد رأيت جماعة يسلمون عند تسليم الإمام وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء، وذاك أمر لا يحمله الإمام، فتكون صلاته باطلة. وربما ترك أحدهم فريضة وزاد في نافلة. وربما أهمل غسل بعض العضو كالعقب، وربما كان في يده خاتم قد حصر الأصبع فلا يديره وقت الوضوء ولا يصل الماء إلى ما تحته فلا يصح وضوؤه.

وأما بيعهم وشراؤهم فأكثر عقودهم فاسدة، ولا يتعرفون حكم الشرع فيها ولا يخف على أحدهم أن يقلد فقيها في رخصته استقلالا منهم للدخول تحت حكم الشريعة: وقل أن يبيعوا شيئا إلا وفيه غش ويغطيه عيب. والجلاء (١) يغطي عيوب الذهب الردئ حتى أن المرأة تضع الغزل في الانداء وتنديه (٢) ليثقل وزنه.


(١) جلا السيف: صقله
(٢) ندى الشيء: بلله

<<  <   >  >>