للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي تزوج أربع عشرة امرأة ومات عن تسع، ثم قال: لو كان بشر بن الحارث تزوج كان قد اتم أمره كله. لو ترك الناس النكاح لم يغزوا ولم يحجوا ولم يكن كذا ولم يكن كذا، وقد كان النبي يصبح وما عندهم شيء، وكان يختار النكاح ويحث عليه وينهى عن التبتل، فمن رغب عن فعل النبي فهو على غير الحق. ويعقوب في حزنه قد تزوج وولد له. والنبي قال: «حبب إلي النساء» (١).

قلت: فإن إبراهيم بن آدم يحكى عنه بأنه قال: لروعة صاحب عيال فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي، وقال: وقعنا في بنيات (٢) الطريق أنظر عافاك الله ما كان عليه نبينا محمد وأصحابه، ثم قال: لبكاء الصبي بين يدي أبيه يطلب منه خبزا أفضل من كذا وكذا أنى يلحق المتعبد المتعزب المتزوج.

فصل

وقد لبس إبليس على كثير من الصوفية، فمنعهم من النكاح فقدماؤهم تركوا ذلك تشاغلا بالتعبد وأروا النكاح شاغلا عن طاعة الله ﷿، وهؤلاء وإن كانت بهم حاجة إلى النكاح أو بهم نوع تشوق إليه فقد خاطروا بأبدانهم وأديانهم، وإن لم يكن بهم حاجة إليه فأتتهم الفضيلة. وفي «الصحيحين» (٣) من حديث أبي هريرة عن رسول الله أنه قال: «وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟! قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر». ثم قال: «أفتحتسبون الشر ولا تحسبون الخير». ومنهم من قال: النكاح يوجب النفقة والكسب صعب. وهذه حجة للترفه عن تعب الكسب. وفي «الصحيحين» من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: «دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة، ودينار أنفقته في الصدقة، ودينار أنفقته على عيالك أفضلها الدينار


(١) رواه أحمد والنسائي عن أنس مرفوعا: «حبب الي من الدنيا الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة». واسناده حسن كما قال في «مشكاة المصابيح (٢/ ٦٦٩).
(٢) بنيان الطريق الطرق الصغيرة المتشعبة من الجادة والروعة الفزعة.
(٣) هو في «صحيح مسلم» من حديث أبي ذر وليس فيه أفتحتسبون الشر ولا تحسبون الخبر.

<<  <   >  >>