للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك المذهب من أي شخص صدر. فأما المشبهون بالقوم وليسوا منهم فأغلاطهم كثيرة. ونحن نذكر بعض ما بلغنا من أغلاط القوم والله يعلم أننا لم نقصد ببيان غلط الغالط إلا تنزيه الشريعة والغيرة عليها من الدخل وما علينا من القائل والفاعل، وإنما نؤدي بذلك أمانة العلم، وما زال العلماء يبين كل واحد منهم غلط صاحبه قصدا لبيان الحق لا لإظهار عيب الغالط. ولا اعتبار بقول جاهل يقول: كيف يرد على فلان الزاهد المتبرك به، لأن الانقياد إنما يكون إلى ما جاءت به الشريعة لا إلى الأشخاص. وقد يكون الرجل من الأولياء وأهل الجنة وله غلطات فلا تمنع منزلته بيان زلله.

واعلم أن من نظر إلى تعظيم شخص ولم ينظر بالدليل إلى ما صدر عنه كان كمن ينظر إلى ما جرى على يد المسيح صلوات الله عليه من الأمور الخارقة ولم ينظر إليه فادعى فيه الالهية. ولو نظر إليه وأنه لا يقوم الا بالطعام (١) لم يعطه ما لا يستحقه.

وقد أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي بإسناد إلى يحيى بن سعيد، قال: سألت شعبة وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومالك بن أنس عن الرجل لا يحفظ أو يتهم (٢) في الحديث، فقالوا جميعا: يبين أمره. وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يمدح الرجل ويبالغ ثم يذكر غلطه في الشيء بعد الشيء، وقال: نعم الرجل فلان لولا أن خلة فيه. وقال عن سري السقطي: الشيخ المعروف بطيب المطعم، ثم حُكى له عنه أنه قال: إن الله ﷿ لما خلق الحروف سجدت الباء، فقال: نفروا الناس عنه.

[سياق ما يروى عن الجماعة منهم من سوء الاعتقاد ذكر تلبس ابلس في السماع وغيره]

عن أبي عبد الله الرملي، قال: تكلم أبو حمزة في جامع طرسوس فقبلوه فبينما هو ذات يوم يتكلم إذ صاح غراب على سطح الجامع فزعق أبو حمزة، وقال: لبيك لبيك. فنسبوه إلى الزندقة، وقالوا حلولي زنديق، وبيع فرسه بالمناداة على باب الجامع هذا فرس الزنديق. وبإسناد إلى أبي بكر الفرغاني أنه قال: كان أبو حمزة إذا سمع شيئا يقول: لبيك لبيك، فأطلقوا عليه أنه حلولي. ثم قال أبو علي: وإنما جعله داعيا من الحق أيقظه للذكر.


(١) لانه محتاج اليه لغذائه.
(٢) أي هل نتهمه في حديثه.

<<  <   >  >>