للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقيل له: تصلي عليها، فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح. قال: شيخنا ابن ناصر: وليس ابن طاهر بمن يحتج به. وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب «الأحياء» على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطله وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه. وقال: أن المراد بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن ابراهم صلوات الله عليه أنوار هي حجب الله ﷿ ولم يرد هذه المعروفات، وهذا من جنس كلام الباطنية. وقال في كتابه «المفصح بالأحوال»: إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.

قال المصنف: وكان السبب في تصنيف هؤلاء مثل هذه الاشياء قلة علمهم بالسنن والإسلام والآثار وإقبالهم على ما استحسنوه من طريقة القوم. وإنما استحسنوها لأنه قد ثبت في النفوس مدح الزهد وما رأوا حالة أحسن من حالة هؤلاء القوم في الصورة ولا كلاما أرق من كلامهم. وفي سير السلف نوع خشونة ثم أن ميل الناس إلى هؤلاء القوم شديد لما ذكرنا من أنها طريقة ظاهرها النظافة والتعبد وفي ضمنها الراحة والسماع والطباع تميل إليها وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلاطين والأمراء فصاروا أصدقاء (١).

فصل

وجمهور هذه التصانيف التي صنفت لهم لا تستند إلى أصل وإنما هي واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونوها، وقد سموها بالعلم الباطن. والحديث بإسناد إلى أبي يعقوب اسحاق بن حية، قال: سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن الوساوس والخطرات، فقال: ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون.

قال المصنف: وقد روينا في أول كتابنا هذا عن ذي النون نحو هذا وروينا عن أحمد بن حنبل أنه سمع كلام الحارث المحاسبي، فقال لصاحب له: لا أرى لك أن تجالسهم. وعن سعيد بن عمرو البردعي، قال: شهدت أبا زرعة وسئل عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: اياك وهذه


(١) وهذا هو شأنهم في عصرنا.

<<  <   >  >>