هو الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي القرشي التيمي البكري البغدادي الفقيه، الواعظ، الحافظ، المفسر الملقب بجمال الدين. وهو منسوب إلى محلة بالبصرة تسمى (محلة الجوز). ولد سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة وخمسمائة للهجرة في بغداد، وتوفي والده وهو صغير. فلما ترعرع حملته عمته إلى مسجد «أبي الفضل بن ناصر» الحافظ البغدادي فسمع منه الحديث. وحفظ القرآن على جماعة من أئمة القراء، وكان يلازم من الشيوخ أعلمهم، ويؤثر من أرباب النقل أفهمهم - كما قال هو عن نفسه في مشيخته.
وقد صحب «ابن الزاغوني» فأخذ عنه الفقه والوعظ. وقرأ الأصول والجدل على «أبي بكر الدينوري» والقاضي «أبي يعلى»، وتتبع مشايخ الحديث والفقه، ولم يقنع بفن واحد. فقرأ الأدب على «الجواليقي» أستاذ عصره، بل لم يترك أحداً ممن يروي ويعظ، ولا غريبا يقدم إلا استفاد منه. وقد قال عن نفسه: كنت أدور على المشايخ لسماع الحديث فينقطع نفسي من العدو لئلا أسبق.
وكان في زمن الطلب يأخذ معه أرغفة يابسة ويخرج في طلب الحديث، فيقعد على نهر عيسى لا يقدر على أكل هذا الخبز اليابس إلا عند الماء، كلما أكل لقمة شرب عليها شربة!
كان ﵀ ورعا، جريئا، وما تناول مالا من جهة لا يتيقن حلها، ولا ذل لأحد، وكان معجبا بنفسه، قال في «لفتة الكبد»: