للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

واعلم أنه إذا دام ترك النكاح على شبان الصوفية أخرجهم إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول - المرض بحبس الماء، فإن المرء إذا طال احتقانه تصاعد إلى الدماغ منه منيه. قال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي: أعرف قوما كانوا كثيري المنى فلما منعوا أنفسهم من الجماع لضرب من التفلسف بردت أبدانهم، وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم الكآبة بلا سبب، وعرضت لهم أعراض الماليخوليا، وقلت شهواتهم وهضمهم. قال: ورأيت رجلا ترك الجماع ففقد شهوة الطعام وصار أن أكل القليل لم يستمرئه (١) وتقايأه، فلما عاد إلى عادته من الجماع سكنت عنه هذه الأعراض سريعا.

النوع الثاني - الفرار إلى المتروك فإن منهم خلقا كثيرا صابروا على ترك الجماع، فاجتمع الماء فأقلقوا (٢) ورجعوا فلامسوا النساء ولا بسوا من الدنيا أضعاف ما فروا منه فكانوا كمن أطال الجوع ثم أكل ما ترك في زمن الصبر.

النوع الثالث - الانحراف إلى صحبة الصبيان، فإن قوما منهم أيسوا أنفسهم من النكاح فأقلقهم ما اجتمع عندهم فصاروا يرتاحون إلى صحبة المرد.

فصل

وقد لبس على قوم منهم تزوجوا، وقالوا: أنا لا ننكح شهوة فإن أرادوا أن الأغلب في طلب النكاح إرادة السنة جاز، وإن زعموا انه لا شهوة لهم في نفس النكاح فمحال ظاهر.

فصل

وقد حمل الجهل أقواما فجبوا (٣) أنفسهم، وزعموا أنهم فعلوا ذلك حياء من الله تعالى، وهذه غاية الحماقة لأن الله تعالى شرف الذكر على الانثى.


(١) استمرأ الطعام: استطيبه.
(٢) أي أزعجوا.
(٣) جب نفسه: قطع أعضاءه التناسلية.

<<  <   >  >>