للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل برهمي، ووضع لهم أصناما وجعل لهم أعظم بيوتهم بيتا بالميلتان وهي مدينة من مداين السند وجعل فيه صنمهم الأعظم الذي هو كصورة الهيولي الأكبر. وهذه المدينة فتحت في أيام الحجاج، وأرادوا قلع الصنم فقيل لهم: إن تركتموه ولم تقلعوه جعلنا لكم ثلث ما يجتمع له من مال. فأمر عبد الملك بن مروان بتركه، فالهند تحج إليه من ألفي فرسخ ولا بد للحاج أن يحمل معه دراهم على قدر ما يمكنه من مائة إلى عشرة آلاف لا يكون أقل من هذا ولا أكثر، ومن لم يحمل معه ذلك لم يتم حجه. فيلقيه في صندوق عظيم هناك ويطوفون بالصنم. فإذا ذهبوا قسم ذلك المال فثلثه للمسلمين، وثلثه لعمارة المدينة وحصونها، وثلثه لسدنة الصنم ومصالحه

قال الشيخ أبو الفرج : فانظر كيف تلاعب الشيطان بهؤلاء وذهب بعقولهم فنحتوا بأيديهم ما عبدوه، وما أحسن ما عاب الحق أصنامهم فقال: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بها أم لهم آذان يسمعون بها﴾ (الاعراف: ١٩٥/ ٧). وكانت الإشارة إلى العباد أي أنتم تمشون وتبطشون وتبصرون وتسمعون والأصنام عاجزة عن ذلك وهي جماد وهم حيوان، فكيف عبد التام الناقص؟ ولو تفكروا لعلموا أن الإله يصنع الأشياء ولا يصنع، ويجمع وليس بمجموع، وتقوم الأشياء به ولا يقوم بها، وإنما ينبغي للإنسان أن يعبد من صنعه لا ما صنعه. وما خيل إليهم أن الأصنام تشفع فخيال ليس فيه شبهة يتعلق بها.

[ذكر تلبيسه على عابدي النار والشمس والقمر]

قال المصنف: قد لبس إبليس على جماعة فحسن لهم عبادة النار، وقالوا: هي الجوهر الذي لا يستغنى العالم عنه، ومنها هنا زين عبادة الشمس.

وذكر أبو جعفر بن جرير الطبري: أنه لما قتل قابيل هابيل وهرب من أبيه آدم إلى اليمن أتاه إبليس، فقال له: إن هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار لأنه كان يخدم النار ويعبدها، فانصب أنت نارا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار فهو أول من نصب النار وعبدها. قال الجاحظ: وجاء زرادشت من بلخ وهو صاحب المجوس فادعى أن الوحي ينزل اليه على جبل سيلان، فدعا أهل تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون الا البرد وجعل الوعيد يتضاعف البرد، وأقر بأنه لم يبعث إلا إلى الجبال فقط. وشرع لاصحابه التوضؤ.

<<  <   >  >>