للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

ومن تلبيسه على الزهاد احتقارهم العلماء وذمهم إياهم فهم يقولون: المقصود العمل، ولا يفهمون أن العلم نور القلب. ولو عرفوا مرتبة العلماء في حفظ الشريعة وأنها مرتبة (١) الأنبياء لعدوا أنفسهم كالبكم عند الفصحاء والعمي عند البصراء، والعلماء أدلة الطريق والخلق وراءهم، وسليم هؤلاء يمشي وحده. وفي الصحيحين» من حديث سهل بن سعد أن النبي قال لعلي بن أبي طالب : «والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم».

فصل

ومما يعيبون به العلماء. تفسح العلماء في بعض المباحات التي يتقوون بها على دراسة العلم. وكذلك يعيبون جامع الأموال. ولو فهموا معنى المباح لعلموا أنه لا يذم فاعله، وغاية الأمر أن غيره أولى منه. أفيحسن لمن صلى الليل أن يعيب على من أدى الفرض ونام.

ولقد روينا بإسناد عن محمد بن جعفر الخولاني، قال: حدثني أبو عبد الله الخواص وكان من أصحاب حاتم الأصم، قال: دخلنا مع حاتم البلخي إلى الري ومعه ثلاثمائة وعشرون رجلا من أصحابه يريد الحج، وعليهم الصوف والزرمانقات (٢) ليس فيهم من معه جراب ولا طعام، فنزلنا على رجل من التجار متنسك فأضافنا (٣) تلك الليلة فلما كان من الغد، قال لحاتم: يا أبا عبد الرحمن لك حاجة فاني أريد أن أعود فقيها لنا هو عليل، فقال حاتم: إن كان لكم فقيه عليل فعيادة الفقيه لها فضل كبير، والنظر إلى الفقيه عبادة، وأنا أجيء معك، وكان العليل محمد بن مقاتل قاضي الري فقال له: مر بنا يا أبا عبد الرحمن، فجاؤوا إلى باب داره، فإذا البواب، فبقي حاتم متفكرا يقول: يا رب دار عالم على هذه الحال، ثم أذن لهم فدخلوا، فإذا بدار قوراء (٤) وآلة حسنة وبزة وفرش وستور، فبقي حاتم


(١) أي تدانيها وتقاربها.
(٢) كلمة غير عربية ومعناها: جبة الصوف.
(٣) إضافه: الجاه وإجاره، وهنا بمعنى: ضيفه إذا أنزله منزلة الضيف.
(٤) أي واسعة.

<<  <   >  >>