للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

ومن تلبيسه على الزهاد - إعراضهم عن العلم شغلا بالزهد، فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وبيان ذلك أن الزاهد لا يتعدى نفعه عتبة بابه والعالم نفعه متعد (١). وكم قد رد إلى الصواب من متعبد.

فصل

ومن تلبيسه عليهم: أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات، فمنهم من لا يزيد على خبز الشعير. ومنهم من لا يذوق الفاكهة. ومنهم من يقلل المطعم حتى ييبس (٢) بدنه ويعذب نفسه بلبس الصوف ويمنعها الماء البارد وما هذه طريقة رسول الله ولا طريق أصحابه وأتباعهم. وإنما كانوا يجوعون إذا لم يجدوا شيئا فإذا وجدوا أكلوا. وقد كان رسول الله يأكل اللحم (٣) ويحبه ويأكل الدجاج (٤) ويحب الحلوى (٥) ويستعذب له الماء البارد (٦) ويختار الماء البائت (٧) فإن الماء الجاري يؤذي المعدة ولا يروي. وقد كان رجل يقول: أنا لا آكل الخبيص لأني لا أقوم بشكره. فقال الحسن البصري: هذا رجل أحمق وهل يقوم بشكر الماء البارد. وقد كان سفيان الثوري إذا سافر حمل في سفرته اللحم.


(١) أي يتعداه الى غيره ويتجاوزه.
(٢) أي يجف وتذهب رطوبته.
(٣) قال عبد الله بن الحارث: اكلنا مع رسول الله شواء بالمسجد. رواه الترمذي في «الشمائل» وابن ماجة في «السنن».
(٤) قال أبو موسى الاشعري: رأيت رسول الله يأكل لحم الدجاج. ذكره في «الشمائل».
(٥) عن عائشة قالت: «كان النبي يحب الحلواء والعسل». ذكره في الشمائل.
(٦) عن عائشة قالت: «كان أحب الشراب إلى رسول الله الحلو البارد». ذكره الترمذي في «الشمائل». وعن احمد وابي داود والحاكم عنها قالت: كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا. صححه الحاكم وأقره الذهبي.
(٧) يشير الى ما رواه البخاري وابو داود وابن ماجه عن جابر قال: «دخل النبي ورجل من أصحابه على رجل من الانصار وهو يحول الماء في حائطه - أي بستانه - فقال : ان كان عندك ماء بات هذه الليلة في شن والاكرعنا. قال: بل عندي ماء بات في شن. والشن: القربة.

<<  <   >  >>