للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معزمون (١) يكلمون الجني الذي في باطن المجنون فيكلمهم بما كان ويكون وما شاكل ذلك من الخرافات. فمن رأى مثل هذا قال: بقلة عقلة وقلة تلمحه لقصد هؤلاء الملحدة: وهل ما جاءت به النبوات إلا مقارب هذا؟ وليس قول الكاهن: حبة بر في إحليل مهر، وقد أخفيت كل الاخفاء بأكثر من قوله: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ في بيوتكم﴾ (آل عمران: ٤٩) ٠ وهل بقي لهذا وقع في القلوب. وهذا التقويم (٢) ينطق بالمنع من الركوب اليوم وهل ترك تلمح هذا إلا النبي والله ما قصدوا بذلك إلا قصدا ظاهرا ولمحوا إلا لمحا جليا، فقالوا: تعالوا نكثر الجولان في البلاد والأشخاص والنجوم والخواص فلا يخلو مع الكثرة من مصادفة الاتفاق لواحدة من هذه. فيصدق بها الكل، ويبطل أن يكون ما جاء به الأنبياء خرقا للعادات ثم دس قوم من الصوفية أن فلانا أهوى بإنائه إلى دجلة فامتلأ ذهبا فصار هذا كالعادة بطريق الكرامات من المتصوفين. وبطريق العادات في حق المنجمين. وبطريق الخواص في حق الطبائعيين. وبطريق الكهانة في حق المعزمين والعرافين. فأي حكم بقي لقول عيسى : ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم﴾ (آل عمران: ٤٩) ٠ وأي خرق بقي للعادات، وهل العادات إلا استمرار الوجود، وكثرة الحصول؟ فإذا نبههم العاقل المتدين على ما في هذا من الفساد قال الصوفي: أتنكر كرامات الأولياء؟ وقال أهل الخواص: أتنكر المغناطيس الذي يجذب الحديد؟ والنعامة تبلع النار فتسكت عن جحد ما لم يكن لأجل ما كان فويل للمحق معهم هذا والباطنية من جانب والمنجمون من جانب مع أرباب المناصب لا يحلون ولا يعقدون إلا بقولهم. فسبحان من يحفظ هذه الملة ويعلي كلمتها حتى أن كل الطوائف تحت قهرها إقبالا من الله ﷿ على حراسة النبوات وقمعا لاهل المحال.

فصل

ومن الهند البراعمة قوم قد حسن لهم إبليس أن يتقربوا بإحراق نفوسهم فيحفر للإنسان منهم أخدود وتجتمع الناس، فيجيء مضمخا (٣) بالخلوق والطيب وتضرب المعازف والطبول والصنوج، ويقولون: طوبي لهذه النفس التي تعلق إلى الجنة. ويقول هو: ليكن هذا القربان مقبولا ويكون ثوابي


(١) المعزم: الراقي
(٢) لعله يقصد علم الارصاد الجوية
(٣) ضمح جسده بالطيب: لطخه به

<<  <   >  >>