للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوفية في زماننا، فنسأل الله العفو والعافية، وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد.

فصل

قال المصنف: ومن هؤلاء المذمومين من يلبس الصوف تحت الثياب ويلوح بكمه حتى يرى لباسه، وهذا لص ليلي، ومنهم من يلبس الثياب اللينة على جسده ثم يلبس الصوف فوقها، وهذا لص نهاري مكشوف، وجاء آخرون فأرادوا التشبه بالصوفية وصعب عليهم البذاذة وأحبوا التنعم ولم يروا الخروج من صورة التصوف لئلا يتعطل المعاش، فلبسوا الفوط الرفيعة واعتَمّوا (١) بالرومي الرفيع إلا أنه بغير طراز القميص والعمامة على أحدهم بثمن خمسة أثواب من الحرير.

وقد لبس إبليس عليهم أنكم صوفية بنفيس النفس. وإنما أرادوا أن يجمعوا بين رسوم التصوف وتنعم أهل الدنيا. من علاماتهم مصادقة الأمراء ومفارقة الفقراء كبرا وتعظيما. وقد كان عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليه يقول: يا بني إسرائيل: ما لكم تأتونني وعليكم ثياب الرهبان، وقلوبكم قلوب الذئاب الضواري، البسوا لباس الملوك وألينوا قلوبكم بالخشية.

وأخبرنا محمد بن أبي القاسم، قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا يحيى بن مطوف، ثنا أبو ظفر، ثنا جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، قال: إن من الناس ناسا إذا لقوا القراء ضربوا معهم بسهم، وإذا لقوا الجبابرة وأبناء الدنيا أخذوا معهم بسهم، فكونوا من قراء الرحمن بارك الله فيكم.

أخبرنا محمد، نا حمد، نا أبو نعيم، ثنا الحسين بن محمد بن العباس الفقيه، ثنا أحمد بن محمد اللالي، ثنا أبو حاتم، ثنا هدبة، ثنا حزم، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: إنكم في زمان أشهب لا يبصر زمانكم إلا البصير، إنكم في زمان كثير تفاحشهم قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم فطلبوا الدنيا بعمل الآخرة فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعوكم في شباكهم.

أخبرنا المحمدان بن ناصر وابن عبد الباقي، قالا: أخبرنا حمد بن أحمد، نا أحمد بن عبد الله الحافظ، ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن


(١) لبسوا العمائم.

<<  <   >  >>