للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهذه الآلة وخلقها لتكون سببا للتناسل، والذي يجب نفسه يقول بلسان الحال: الصواب ضد هذا، ثم قطعهم الآلة لا تزيل شهوة النكاح من النفس فما حصل لهم مقصودهم.

ذكر إبليس على الصوفية في ترك طلب الأولاد

أخبرنا المحمدان ابن ناصر وابن عبد الباقي، قالا: نا أحمد بن أحمد، نا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، ثنا إسحاق بن أحمد، ثنا إبراهيم بن يوسف، ثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: الذي يريد الولد أحمق لا للدنيا ولا للاخرة، وان أراد أن يأكل أو ينام أو يجامع نغص عليه، وإن أراد أن يتعبد شغله.

قال المصنف : قلت: وهذا غلط عظيم وبيانه أنه لما كان مراد الله تعالى من إيجاد الدنيا اتصال دوامها إلى أن ينقضي أجلها، وكان الآدمي غير ممتد البقاء فيها إلا إلى أمد يسير أخلف الله تعالى منه مثله، فحثه على سبه في ذلك تارة من حيث الطبع بإيقاد نار الشهوة، وتارة من باب الشرع بقوله تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ﴾ (النور: ٣٢) وقول الرسول : «تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط» (١) وقد طلب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأولاد فقال تعالى حكاية عنهم: «رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سميع الدعاء» (آل عمران: ٣٨) «رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي» (ابراهيم: ٤٠) إلى غير ذلك من الآيات. وتسبب الصالحون إلى وجودهم. ورب جماع حدث منه ولد مثل الشافعي واحمد بن حنبل فكان خيرا من عبادة ألف سنة.

وقد جاءت الأخبار بإثابة المباضعة (٢) والإنفاق على الأولاد والعيال ومن يموت له ولد ومن يخلف ولدا بعده، فمن أعرض عن طلب الأولاد والتزوج فقد خالف المسنون والأفضل وحرم أجرا جسيما، ومن فعل ذلك فإنما يطلب الراحة.

أخبرنا عمر بن ظفر، نا جعفر بن أحمد بن السراج، نا أبو القاسم.


(١) ورد قريبا، وقلنا: انه مرسل، وليس فيه زيادة: ولو بالسقط.
(٢) يقصد النكاح.

<<  <   >  >>