للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قام الثانية ذلك الشاب، فقال: اجلس فقد عرفنا موضعك، فقام الثالثة فقال أبو مرحوم لأصحابه: قوموا بنا إليه، فقاموا معه فأتوا منزله، قال: فأتينا بقدر من باقلاء فأكلناه بلا ملح، ثم قال أبو مرحوم: علي بخوان خماسي وخمس مكاكيك (٢) أرز، وخمسة أمنان (٣) سمن، وعشرة أمنان سكر، وخمسة أمنان صنوبر، وخمسة أمنان فستق، فجيء بها كلها، فقال أبو مرحوم لأصحابه: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا، قالوا: مشرق لونها، مبيضة شمسها، قال: أخرقوا فيها أنهارها، قال: فأتى بذلك السمن فأجرى فيها ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه، فقال: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا، قالوا: مشرق لونها، مبيضة شمسها، مجراة فيها أنهارها، فقال: يا إخواني اغرسوا فيها أشجارها، قال: فأتى بذلك الفستق والصنوبر، فألقى فيها ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه فقال: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا، قالوا: مشرق لونها، مبيض شمسها، مجرى فيها أنهارها، وقد غرست فيها أشجارها، وقد تدلت لنا ثمارها، قال: يا إخواني ارموا الدنيا بحجارتها، قال: فأتى بذلك السكر فألقى فيها، ثم أقبل أبو مرحوم على أصحابه، فقال: يا إخواني كيف أصبحت الدنيا، قالوا: مشرق لونها مبيضة شمسها وقد أُجريت فيها أنهارها، وقد غرست فيها أشجارها، وقد تدلت لنا ثمارها، فقال: يا إخواني، مالنا وللدنيا اضربوا فيها براحتها، قال: فجعل يضرب فيها براحته ويدفعه بالخمس (٤)، قال أبو الفضل أحمد بن سلمة: ذكرته لأبي حاتم الرازي، فقال: امْلِه (٥) علي فأمليته عليه فقال: هذا شأن الصوفية.

قال المصنف : قلت: وقد رأيت منهم من إذا حضر دعوة بالغ في الأكل ثم اختار من الطعام، فربما ملأ كُمَّيه من غير إذن صاحب الدار، وذلك حرام بالإجماع، ولقد رأيت شيخا منهم قد أخذ شيئا من الطعام ليحمله معه، فوثب صاحب الدار فأخذه منه.

[ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في السماع والرقص والوجد]

قال المصنف : اعلم أن سماع الغناء يجمع شيئين: أحدهما


(٢) المكول: مكيال يَسَع صاعًا ونصف صاع.
(٣) المَنُّ: كيل يعادل ١٨٠ مثقالًا.
(٤) أي بأصابعه الخمس.
(٥) من الاملاء أي قله لاكتبه.

<<  <   >  >>