مثل أبي الهذيل العلاف والنظام ومعمر والجاحظ، كتب الفلاسفة في زمان المأمون واستخرجوا منها ما خلطوه بأوضاع الشرع مثل لفظ الجوهر والعرض والزمان والمكان والكون. وأول مسألة اظهروها القول بخلق القرآن، وحينئذ سمي هذا الفصل فصل علم الكلام. وتلت هذه المسألة مسائل الصفات مثل العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر. فقال قوم: هي معاني زائدة على الذات ونفتها المعتزلة، وقالوا: عالم لذاته. وكان أبو الحسن الأشعري على مذهب الجبائي ثم انفرد عنه إلى مثبتي الصفات. ثم أخذ بعض مثبتي الصفات في اعتقاد التشبيه وإثبات الانتقال في النزول، والله الهادي لما يشاء.
[ذكر تلبسه على الرافضة]
قال المصنف: وكما لبس إبليس على هؤلاء الخوارج حتى قاتلوا علي بن أبي طالب. حمل آخرين على الغلو في حبه، فزادوه على الحد، فمنهم من كان يقول: هو الآنه، ومنهم من يقول: هو خير من الأنبياء، ومنهم من حمله على سب أبي بكر وعمر حتى إن بعضهم كفر أبا بكر وعمر إلى غير ذلك من المذاهب السخيفة التي يرغب عن تضييع الزمان بذكرها، وإنما نشير إلى بعضها.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، نا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال: حدث أبو يعقوب إسحاق بن محمد النخعي، عن عبد الله بن محمد بن عائشة وأبي عثمان المازني وغيرهما، وسمعت عبد الواحد بن علي بن برهان الاسدي يقول: اسحق بن محمد النخعي الأحمر كان يقول: إن عليا هو الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وبالمدائن جماعة من الغلاة يعرفون بالإسحاقية ينسبون إليه، قال الخطيب: ووقع إلي كتاب لأبي محمد الحسن بن يحيى النوبختي من تصنيفه في الرد على الغلاة. وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الأمامية، فذكر أصناف مقالات الغلاة إلى أن قال: وقد كان ممن جره الجنون في الغلو في عصرنا إسحاق بن محمد المعروف بالأحمر، كان يزعم أن عليا هو الله ﷿، وأنه يظهر في كل وقت فهو الحسن في وقت وكذلك هو الحسين، وهو الذي بعث محمدا ﷺ.
قال المصنف: قلت: وقد اعتقد جماعة من الرافضة أن أبا بكر وعمر كانا كافرين، وقال بعضهم: ارتد بعد موت رسول الله ﷺ، ومنهم من يقول بالتبري من غير علي. وقد روينا أن الشيعة طالبت زيد بن علي بالتبري ممن خالف عليا إمامته فامتنع من ذلك فرفضوه فسموا الرافضة.