للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنف: فإن قال قائل هذا مقام عجز لا مقام الرجال فقد أسلفنا جواب هذا. وقلنا: إن الوقوف على العمل ضرورة لأن بلوغ ما يشفي العقل من التعليل لم يدركه من غاص من المتكلمين في البحار، فلذلك أمروا بالوقوف على الساحل كما ذكرنا عنهم.

ذكر تلبس إبليس على الخوارج

قال المصنف: أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة. أخبرنا ابن الحصين، نا ابن المذهب، نا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد، ثني أبي، ثنا محمد بن فضيل، ثنا عمارة بن القعقاع، عن ابن يعمر، عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي من اليمن إلى رسول الله بذهبه في أديم مقروظ (١) لم تخلص من ترابها، فقسمها رسول الله بين أربعة بين: زيد الخيل والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة أو عامر بن الطفيل شك عمارة، فوجد من ذلك بعض أصحابه والأنصار وغيرهم، فقال رسول الله : «الا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء» ثم أتاه رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتى الجبهة كث اللحية مشمر الإزار محلوق الرأس، فقال: اتق الله يا رسول الله، فرفع رأسه إليه فقال: ويحك أليس أحق الناس أن يتقي الله أنا ثم أدبر، فقال خالد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال رسول الله : «فلعله يكون يصلي» فقال: إنه رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم» ثم نظر إليه النبي وهو مقف فقال: «أما انه سيخرج من ضئضيء (٢) هذا قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية (٣)».

قال المصنف: هذا الرجل يقال له: ذو الخويصرة التميمي وفي لفظ أنه قال له: اعدل فقال: «ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل (٤)؟» فهذا أول خارجي


(١) المقروط المدموغ بالقرظ.
(٢) الضئضئ اصل الشيء اى سيخرج من عقبه.
(٣) قلت: والحديث رواه الشيخان بمعناه وفيه ان الذي طلب أن يضرب عنق الاعرابي عمر بن الخطاب.
(٤) وهي رواية الصحيحين وبعدها: «وقد خبت وخسرت ان لم أكن أعدل»

<<  <   >  >>